ومرّة أُخرى نودي موسى بالقول: (ياموسى إنّي أنا الله العزيز الحكيم).
وذلك يزول عن موسى (ع)كل شك وتردّد، وليعلم أنّ الّذي يكلمه هو ربّ العالمين، لا شعلة النّار ولا الشجرة، الربّ القوي العزيز الذي لا يغلب ولا يُقهر، والحكيم ذو التدبير في جميع الأُمور!.
وهذا التعبير في الحقيقة مقدّمة لبيان المعجزة التي سيأتي بيانها في الآية التالية لأنّ الإعجاز آت من هاتين الصفتين "قدرة الله" و"حكمته"، ولكن قبل أن نصل إلى الآية التالية.. ينقدح هذا السؤال وهو: من أين تيقن موسى (ع) أنّ هذا النداء هو نداء الله وليس سواه؟!
يمكن أن يجاب على هذا السؤال بأنّ هذا النداء - أو الصوت المقرون بمعجزة جليّة، وهي إشراق النّار من الغصن الأخضر "في الشجرة الخضراء" - دليل حي على أنّ هذا أمر إلهي!.
ثمّ إنّه - كما سنرى في الآية التالية - بعد هذا النداء أمر موسى (ع) بإلقاء العصا وإظهار اليد البيضاء، على نحو الإعجاز، وهما شاهدان صادقان آخران على هذه الحقيقة.
ثمّ بعد هذا كله (فعلى القاعدة) فإن نداء الله له خصوصية تميزه عن كلّ نداء آخر، وحين يسمعه الإنسان يؤثر في روحه وقلبه تأثيراً لا يخالطه الشك أو التردد بأنّ هذا النداء هو نداء الله سبحانه.
وحيث أنّ الصدع بالرسالة والبلاغ (وأية رسالة وبلاغ... رسالة إلى جبار مستكبر ظالم كفرعون).
﴿يَا مُوسَى إِنَّهُ﴾ أي الشأن ﴿أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.