إلاّ أنّ في الآية التالية استثناءاً للجملة السابقة، حيث ذكره القرآن فقال: (إلاّ من ظلم ثمّ بدّل حُسناً بعد سوء فإنّي غفورٌ رحيمٌ)!.
وهناك رأيان مختلفان لدى المفسّرين في علاقة الإستثناء بالجملة:
فالرأي الأوّل: أنّ هناك حذفاً ذيل الآية آنفة الذكر وتقديره: إنّك من الآمنين وغير الأنبياء ليس آمناً. ثمّ استثنى سبحانه من ذلك "بإلاّ" من ظلم ثمّ بدل حسناً، فهو من الآمنين أيضاً (لأنّ الله غفور رحيم).
والثّاني: أنّ الإستثناء من ضمن الجملة، والظلم إشارة إلى ترك الأُولى الذي قد يقع من الأنبياء، وهو لا ينافي مقام العصمة، ومعنى الآية على هذا الرأي: أن الأنبياء في حال ترك الأولى غير آمنين أيضاً، وأنّ الله يحاسبهم حساباً عسيراً، كما جاء في آيات القرآن عن قصّة آدم وقصّة يونس(ع)!.
إلاّ أُولئك الذين التفتوا إلى ترك الأولى، وانعطفوا نحو الله الرحيم، فبدلوا حسناً وعملا صالحاً بعد ذلك، كما جاء في شأن موسى (ع) نفسه في قصّة قتله الرجل القبطي، إذ اعترف موسى بتركه الأَولى، فقال: (ربّ إنّى ظلمت نفسي فاغفر لي)(4).
﴿إِلَّا﴾ لكن ﴿مَن ظَلَمَ﴾ نفسه من غيرهم بذنب أو منهم بترك الأولى وعلى هذا يجوز جعله متصلا ﴿ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ﴾ توبة بعد ذنب أو ترك أولى ﴿فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أقبل توبته وأثيبه.