ثمّ أضاف الهُدهد قائلا: (ألاّ يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون)(1).
وكلمة "خَبء" على وزن (صبر) معناها كل شيء خفي مستور، وهي هنا إشارة إلى إحاطة علم الله بغيب السماوات والأرض، أي: لِمَ لا يسجدون لله الذي يعلمُ غيب السماوات والأرض وما فيهما من أسرار؟!
وما فسّره بعضهم بأن الخبء في السماوات هو الغيث، والخبء في الأرض هو النبات، فهو - في الحقيقة - من قبيل المصداق البارز.
والطريف في الآية أنّها تتكلم أوّلاً عما خفي في السماوات والأرض، ثمّ تتكلم عن أسرار القلوب!.
إلاّ أنّه لِمَ استند الهدهد من بين جميع صفات الله إلى علمه بغيب العالم وشهوده كبيره و صغيره؟!
لعل ذلك لمناسبة أن سليمان - بالرغم من جميع قدرته - كان يجهل خصائص بلد سبأ، فالهدهد يقول: ينبغي الإعتماد على الله الذي لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض.
أو لمناسبة أنّه - طبقاً لما هو معروف - للهدهد حس خاص يدرك به وجود الماء في داخل الأرض... لذلك يتكلم عن علم الله الذي يعلم بكل خافية في عالم الوجود.
﴿أَلَّا يَسْجُدُوا﴾ فصدهم أن لا يسجدوا أو زين لهم أن لا يسجدوا بإبداله من ﴿أعمالهم﴾ أو لا يهتدون لأن يسجدوا ﴿لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ﴾ مصدر بمعنى المخبوء وهو ما خفي ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ كالنبات والمطر بل كلما يخرجه من العدم إلى الوجود ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ﴾ ما يسرونه وما يظهرونه.