التّفسير
صالحٌ في ثمود:
بعد ذكر جانب من قصص موسى وداود وسليمان(ع) فإنّ هذه الآيات تتحدث عن قصّة رابع نبيّ - وتبيّن جانباً من حياته مع قومه - في هذه السورة، وهي ما جاء عن صالح(ع) وقومه "ثمود"!
إذ يقول القرآن: (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً أن اعبدوا الله)(1).
وكما قيل من قبل: إنّ التعبير بـ "أخاهم" الوارد في قصص كثير من الأنبياء، هو إشارة إلى منتهى المحبّة والإشفاق من قبل الأنبياء لأُممهم، كما أن في بعض المواطن إشارة إلى علاقة القربى "الروابط العائلية للانبياء بأقوامهم".
وعلى كل حال، فإنّ جميع دعوة هذا النّبي العظيم تلخصت في جملة (أن اعبدوا الله).
أجل، إنّ عبادة الله هي عصارة كل تعليمات رسل الله.
ثمّ يضيف قائلا: (فاذا هم فريقان يختصمون)(2).
المؤمنون من جهة والمنكرون المعاندون من جهة أُخرى.
وقد عبر في الآيتين 75 و 76 من سورة الأعراف عن الفريقين، بالمستكبرين والمستضعفين: (قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربّه قالوا إنّا بما أرسل به مؤمنون، قال الذين استكبروا إنّا بالذي آمنتهم به كافرون).
وبالطبع فإنّ هذه المواجهة بين الفريقين "الكفار والمؤمنين" تصدق في شأن كثير من الأنبياء، بالرغم من أن بعض الانبياء بقوا محرومين حتى من هذا المقدار القليل من الانصار حيث وقف كل افراد قومهم ضدهم.
فأخذ صالح(ع) ينذرهم ويحذرهم من عذاب الله الأليم... إلاّ أنّ أُولئك لم يستجيبوا له وتمسكوا بعنادهم وطلبوا منه باصرار أن إذا كنت نبيّاً فليحل بنا عذاب الله "وقد صرحت الآية 77 من سورة الأعراف بأنّهم سألوا نبيّهم نزول العذاب" (فقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين).
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ﴾ بأن ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ وحده ﴿فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ﴾ مؤمن وكافر ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾ في الدين.