التفسير
عمىُ القلوب لا يقبلون دعوتك!
كان الكلام في الآيات السابقة عن المبدأ والمعاد... أمّا في الآيات - محل البحث - فيقع الكلام على مسألة النبوّة، وحقّانيّة القرآن، ليكتمل بهما هذا البحث!.
ومن جهة أُخرى فقد كان الكلام في الآيات السابقة عن علم الله الواسع غير المحدود، وفي الآيات محل البحث مزيد تفصيل في هذا الشأن.
أضف إلى ذلك أنّ الخطاب كان فيما سبق من الآيات موجهاً للمشركين، وهنا يوجه الخطاب نحو الكفار الآخرين كاليهود واختلافاتهم!.
فتقول الآيات أوّلا: (إنّ هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون).
لقد اختلف بنو إسرائيل فيما بينهم في مسائل كثيرة! فقد اختلفوا في شأن مريم وعيسى(ع).
وفي شأن النّبي الذي بشّرت به "التّوراة" من هو؟
كما أنّهم اختلفوا في ما بينهم في كثير من المسائل الدينية والأحكام الشرعية... فجاء القرآن موضحاً هذه الأُمور بجلاء، وقال: إن المسيح(ع) عرف نفسه بصراحة فـ (قال إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً)(1).
وقال أيضاً: إنّ المسيح ولد من دون أب، وليس أمره محالا و(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب)(2).
وأمّا النّبي الذي بشرت به التّوراة فتنطبق أوصافه على نبي الإسلام محمّد(ص)، ولا تنطبق على أحد سواه!.
وعلى كل حال فإنّ واحدة من مهامّ القرآن هي مواجهة الإختلافات المتولّدة من اختلاط الخرافات وحقائق التعليمات التي جاء بها الأنبياء... وكل نبي مسؤول أن يحسم الإختلافات الناشئة من التحريف والخلط بين الحقّ والباطل... وحيث أن هذا العبء لا يمكن أن ينهض به رجل أمي لم يسبق له أن يقرأ، وفي محيط جاهلي، فيتّضح أنّه مرسل من قبل الله!
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ كأمر عزير وعيسى وغيرهما.