(حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علماً أمّاذا كنتم تعملون)(1).
وقائل هذا الكلام هو الله سبحانه، والمراد من "الآيات" هي المعاجز التي يأتي بها الأنبياء، أو أوامر الله، أو الجميع!.
والمراد من جملة (ولم تحيطوا بها علماً) هو أنّكم بدون أن تتحققوا وتطّلعوا على حقيقة الأمر، كذبتم الآيات، وهذا منتهى الجهل وعدم المعرفة أن ينكر الإنسان شيئاً دون أن يتحقق منه!.
وفي الحقيقة فإنّهم يسألون عن شيئين.
الأوّل: تكذيبهم دون أن يفحصوا عن الحق.
والآخر: عن أعمالهم التي كانوا يقومون بها.
وإذا كانت الآية - آنفة الذكر - تتحدث عن القيامة، فمفهومها واضح.
وأمّا إذا كانت تشير إلى مسألة الرّجعة - كما يقتضيه انسجام الآيات - فهي إشارة إلى أنّه عندما يرجع إلى هذه الدنيا طائفة من المجرمين... فولي الأمر الذي يمثل الله، وهو خليفته في الأرض، يتحقق منهم ويسألهم عمّا فعلوه في حياتهم، ثمّ يجازيهم حسب ما يستحقون من الجزاء الدنيوي، ولا يمنع هذا من عذاب الآخرة، كما أن كثيراً من المجرمين ينالون الحدّ الشرعي في هذه الدنيا، ويستوفون جزاءهم، فإذا لم يتوبوا فإنّ مايستحقون من العقاب ينتظرهم في الآخرة.
﴿حَتَّى إِذَا جَاؤُوا﴾ الموقف ﴿قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا﴾ أي كذبتم بها بادىء الرأي غير متأمليها ﴿أَمَّاذَا﴾ أم أي شيء ﴿كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ به وهو تبكيت إذ لم تعملوا سوى التكذيب.