موسى يتوجّه إلى مدين خُفيةً:
نواجه في هذه الآيات المقطع الرّابع من هذه القصّة ذات المحتوى الكبير.
حيث أن مقتل الفرعوني في مصر انتشر بسرعة، والقرائن المتعددة تدلّ علىأن القاتل من بني إسرائيل، ولعل اسم موسى(ع) كان مذكوراً من بين بني إسرائيل المشتبه فيهم.
وبالطبع فإنّ هذا القتل لم يكن قتلا عادياً، بل كان يعد شرارة لانفجار ثورة مقدمة للثورة.. ولا شك أن جهاز الحكومة لا يستطيع تجاوز هذه الحالة ببساطة ليعرّض أرواح الفرعونيين للقتل على أيدي عبيدهم من بني إسرائيل.
لذلك يقول القرآن في بداية هذا المقطع (فأصبح في المدينة خائفاً يترقب)(1).
وهو على حال من الترقب والحذر، فوجيء في اليوم التالي بالرجل الإسرائيلي الذي آزره موسى بالأمس يتنازع مع قبطي آخر وطلب من موسى أن ينصره (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه)(2).
ولكن موسى تعجب منه واستنكر فعله و (قال له موسى إنك لغوي مبين)إذ تحدث كل يوم نزاعاً ومشادة مع الآخرين، وتخلق مشاكل ليس أوانها الآن، إذ نحن نتوقع أن تصيبنا تبعات ما جرى بالأمس، وأنت اليوم في صراع جديد أيضاً!!
﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ الأخبار وما يقال فيه ﴿فَإِذَا الَّذِي اسْتَنصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ﴾ يستغيثه بصراخ إلى قبطي آخر ﴿قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ﴾ من الغواية لكثرة مخاصمتك.