ومن جهة أُخرى فإنّ الأخبار وصلت إلى قصر فرعون فأحسّ فرعون ومن معه في القصر أن تكرار مثل هذه الحوادث ينذره بالخطر، فعقد جلسة شورى مع وزارئه وانتهى "مؤتمرهم" إلى أن يقتلوا موسى، وكان في القصر رجل له علاقة بموسى فمضى إليه وأخبره بالمؤامرة.. وكما يقول القرآن الكريم: (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنّي لك من الناصحين).
ويبدو أنّ هذا الرجل هو "مؤمن آل فرعون" الذي كان يكتم إيمانه ويدعى "حزقيل" وكان من أسرة فرعون، وكانت علاقته بفرعون وثيقة بحيث يشترك معه في مثل هذه الجلسات.
وكان هذا الرجل متألماً من جرائم فرعون، وينتظر أن تقوم ثورة "إلهية" ضده فيشترك معها.
ويبدو أنّه كان له أمل كبير بموسى(ع) إذ كان يتوسم في وجهه رجلا ربّانياً صالحاً ثوريّاً، ولذلك فحين أحسّ بأن الخطر محدق بموسى أوصل نفسه بسرعة إليه وانقذه من مخالب الخطر، وسنرى بعدئذ أن هذا الرجل لم يكن فيُ هذا الموقف فحسب سنداً وظهيراً لموسى، بل كان يعدّ عيناً لبني إسرائيل في قصر فرعون في كثير من المواقف والأحداث.
﴿وَجَاء رَجُلٌ﴾ هو مؤمن آل فرعون وهو ابن عمه ﴿مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى﴾ يسرع ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ﴾ الائتمار التشاور ﴿فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ﴾ لك.