لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
واستجابة لهذا القرار والعقد الذي أنشأه شعيب مع موسى.. وافق موسى و(قال ذلك بيني وبينك).. ثمّ أردف مضيفاً بالقول: (أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليَّ) أي سواءً قضيت عشر سنين أو ثماني سنين "حجج" فلا عدوان علي.. ومن أجل استحكام العقد بينهما جعل موسى(ع) اللّه كفيلا وقال: (والله على ما نقول وكيل!). وبهذه البساطة أصبح موسى صهراً لشعيب على ابنته. بحوث 1 - شرطان أساسيان للإدارة الصحيحة في العبارة القصيرة التي وردت في الآيات المتقدمة على لسان بنت شعيب في شأن استئجار موسى، كان من أهم الشروط وأكثرها أصالةً شرطان لخّصا في "القوّة" و"الأمانة". ومن البديهي أنّ القوّة المذكورة - آنفاً - ليس المراد منها قوّة الجسم فحسب، بل القدرة على تحمّل المسؤولية أيضاً. فالطبيب "القوي الأمين" هو الطبيب الذي له معرفة جيدة وكافية في عمله، وله تسلّط عليه أيضاً. والمدير القوى هو الذي يعرف "أصول الإدارة" ويعرف الأهداف المطلوبة.. وله تسلط في وضع الخطط و"البرامج"، وله سهم وافر في الإبتكار وتنظيم الأعمال.. ويعبي القوى في سبيل الوصول للهدف المعين. وفي الوقت ذاته يكون مشفقاً وناصحاً وأميناً وصادقاً في العمل. والأشخاص الذين يقنعون في تحمل المسؤولية وجود الأمانة والطهارة فحسب، هم مخطئون بمقدار خطأ من يعتمد على سمة التخصص والعلم فحسب. فالمتخصصون الخونة والعلماء المنحرفون يضربون ضربتهم كما يضربها المخلصون الذين لاحظ لهم من الإطلاع والمهارة في العمل. وإذا أردنا أن نخرّب دولة ما فينبغي أن نوكل الأُمور إلى إحدى هاتين الطائفتين..إلى مدراء خائنين لـ "الأمانة"، إلى المخلصين الذين لاحظ لهم من العلم والإدارة والنتيجة واحدة. إنّ منطق الإسلام هو أن يوكل كل عمل إلى شخص قوي أمين مقتدر، ليصل نظام المجتمع إلى الكمال، وإذا ما تأمّلنا في سبب زوال الحكومات في طول التأريخ، وفكّرنا في الأمر، وجدنا العامل الأصلي هو إيكال الأمر إلى إحدى هاتين الطائفتين اللتين تكلمنا عنهما آنفاً. ومن الطريف أنّ منهج الإسلام في جميع الأُمور أنّه يقرن "العلم مع التقوى" جنباً إلى جنب. فمرجع التقليد لابدّ أن يكون "مجتهداً عادلا" والقاضي وكذلك القائد يجب أن يكون "مجتهداً عادلا".. وبالطبع فإن شروطاً أُخرى ينبغي توفرها أيضاً، ولكن أساس هذه الشروط جميعاً شرطان هما "العلم المقترن بالتقوى والعدل". 2 - اسئلة عن زواج موسى من بنت شعيب!... ذكرنا - آنفاً - أنّ الآيات المتقدمة تحمل بين ثنايها أسئلة متعددة، وعلينا أن نجيب عليها ولو باختصار: أ - هل يجوز من الناحية الشرعية والفقهية، أن تكون الزوجة غير معلومة، بل يقال عند إجراء صيغة العقد "أزوّجك إحدى البنتين مثلا"؟... والجواب: ليس من المعلوم أن العبارة السابقة (أنكحك إحدى ابنتي هاتين)ذكرت عند إجراء صيغة العقد.. بل الظاهر أنّه جرى كلام و مقدمات للعقد والزواج، وبعد موافقة موسى على الزواج، ثمّ تجري صيغة العقد على واحدةبعينها. ب - هل يمكن أن يكون المهر مجهولا، أو مردداً بين النقصان والتمام؟! والجواب: يفهم من لغة الآية أن المهر الواقعي كان ثماني سنوات خدمة.. أمّا السنتان الأخريان فموكلتان لرغبة موسى، أن شاء أدّاهما، وإلاّ فلا! ج - وهل يجوز أساساً أن يكون المهر "خدمة وعملا"؟! وكيف يمكن الزواج من امرأة على هذا المهر والدخول بها، والمهر بعد لم يتمّ، ولا يمكن إتمامه في مكان واحد! والجواب: إنّه لا دليل على عدم جوازمثل هذا المهر، بل إطلاقات الأدلة على المهر في شريعتنا - أيضاً - تشمل كل شيء ذي قيمة! كما أنّه لا يلزم أداء المهر في مكان واحد، بل يكفي أن يكون في ذمّة الرجل، والمرأة مالكة له. وأصل السلامة والإستصحاب يقضيان أنّ هذا الرجل يحيا مدّةً ويستطيع أداء هذا المهر. د - أساساً كيف يمكن جعل الخدمة للأب مهراً للبنت؟! فهل المرأة بضاعة تباع في مقابل الخدمة(2)؟!.. والجواب: لا شكّ أن شعيباً كان يحرز رضا ابنته على مثل هذا المهر، ولديه وكالة منها على هذا العقد، وبتعبير آخر: إن المالك الأصلي لما في ذمّة موسى، هي زوجته "بنت شعيب". ولكن.. حيث أنّهم كانوا يعيشون في بيت واحد وفي غاية الصفاء والنقاء، ولم تكن بينهم فرقة وانفصال "كما هي الحال بالنسبة إلى كثير من الأسر القروية القديمة التي تبدو حياتها منسجمة تمام الإنسجام" فلم تكن هذه المسألة - مسألة أداء الدين - محل بحث ولا كيف يوفّى المهر. المهم هنا أن المالك للمهر البنت وحدها لا الأب، والخدمات التي قدمها موسى كانت في هذا السبيل أيضاً. هـ - كان مهر بنت شعيب مهراً ثقيلا نسبياً - لأنّنا إذا أردنا أن نلاحظ أجرة العامل العادي خلال شهر ثمّ خلال سنة، وبعدئذ نضاعف ذلك ا لأجر إلى ثماني مرات فسيكون مبلغاً كثيراً جدّاً. الجواب: أولا لم يكن هذ ا الزواج زواجاً بسيطاً، بل كان مقدمة لبقاء موسى عند "شعيب" متبعاً شاكلته ومذهبه، ومقدمة لأن يدرس موسى(ع) في جامعة علمية كبرى خلال هذه الفترة الطويلة، والله العالم كم تعلم موسى من "شيخ مدين" في هذه المدّة من اُمور؟! ثمّ بعد ذلك كله، لو قلنا: إنّ هذه المدة الطويلة كان يقضيها موسى في خدمة شعيب، ففي مقابل ذلك سيؤمن له شعيب مصرفه ونفقات زوجه من هذا الطريق أيضاً.. فإذا جردنا مصرف موسى ونفقاته من أجرة عمله لم يكن المهر غالياً - بل سيبقى مبلغ زهيد وخفيف!.. 3 - يستفاد ضمناً من هذه القصّة أن ما يشيع في عصرنا من أن اقتراح الأب على إختيار البعل لابنته أمر مصيب، لا مانع منه وليس معيباً، فإذا وجد الأب شخصاً لائقاً وجديراً، فله الحق أن يقترح عليه الزواج من ابنته، كما فعل شعيب(ع)مع موسى في شأن ابنته(ع) والزواج منها. 4 - إسما ابنتي شعيب: واحدة "صفورة" أو "صفورا" وهي التي تزوجت من موسى(ع)، أمّا الثّانية فاسمها "ليا"(3). ﴿قَالَ ذَلِكَ﴾ الذي شارطتني عليه قد تم ﴿بَيْنِي وَبَيْنَكَ﴾ لا تخرج عنه ﴿أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ﴾ الثماني أو العشر ﴿قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ﴾ بطلب الزيادة عليه أو فلا أكون متعديا بترك الزيادة عليه ﴿وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ﴾ من التشارط ﴿وَكِيلٌ﴾ شهيد حفيظ.