وتضيف الآية التالية (ثمّ جعلناه نطفة في قرار مكين).
وفي الواقع فانّ الآية الأُولى تشير إلى بداية وجود جمع البشر من آدم وأبنائه وأنّهم خلقوا جميعاً من التراب، إلاّ أنّ الآية التالية تشير إلى تداوم وإستمرارية نسل الإنسان بواسطة تركيب نطفة الذكر ببويضة الاُنثى في الرحم.
وهذا البحث يشبه ما جاء في الآيتين السابعة والثامنة من سورة السجدة (وبدأ خلق الإنسان من طين ثمّ جعل نسله من سلالة من ماء مهين).
والتعبير عن الرحم بـ"قرار مكين"، أي القرار الآمن، إشارة إلى أهميّة الرحم في الجسم، حيث يقع في مكان أمين محفوظ من جميع الجهات، يحفظه العمود الفقري من جهة، وعظم الحوض القوي من جهة أُخرى، وأغشية البطن العديدة من جهة ثالثة، ودفاع اليدين يشكّل حرزاً رابعاً له.
وكلّ ذلك شواهد على موضع الرحم الآمن.
﴿ثُمَّ جَعَلْنَاهُ﴾ الإنسان يعني جوهره أو السلالة على تأويل الماء ﴿نُطْفَةً﴾ منيا ﴿فِي قَرَارٍ﴾ مستقر هو الرحم ﴿مَّكِينٍ﴾ وصف المحل بصيغة الحال مبالغة.