وتأكيداً على ما سبق بيانه يضيف القرآن الكريم قائلا: (وما كنت بجانب الطور(4) إذ نادينا) اي نادينا موسى بأمر النبوّة، ولكننا أنزلنا اليك بهذه الاخبار رحمة من الله عليك (ولكن رحمةً من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون).
وخلاصة الكلام: أنّ الله أخبرك يا محمّد بالحوادث التي فيها إيقاظ وإنذار لما جرى في الأقوام السابقين، ولم تكن فيهم من الشاهدين، لتتلو كل ذلك على قومك الذين هم على ضلال لعلهم يهتدون ولعلهم يتذكرون.
هنا ينقدح هذا السؤال: كيف يقول القرآن: (لتنذر قوماً ما اتاهم من نذير من قبلك) أي العرب المعاصرين للنبي محمّد(ص) في حين أنّنا نعرف أن الأرض لا تخلو من حجّة لله، وكان بين العرب أوصياء للأنبياء السابقين (كأوصياء عيسى(ع)).
وفي الجواب على ذلك نقول: المقصود من ذلك هو إرسال رسول يحمل إلى قومه كتاباً سماويّاً بيّناً.. لأنّ بين عصر عيسى(ع) وظهور نبي الإسلام(ص) قروناً مديدة، ولم يأت بين عيسى والنبيّ محمّد(ص) نبيّ من أولي العزم، ولذلك فقد كان هذا الموضوع ذريعة للملحدين والمفسدين.
يقول الإمام علي(ع) في هذا الصدد "إن الله بعث محمّداً(ص) وليس أحد من العرب يقرأ كتاباً ولا يدعي نبوة، فساق الناس حتى بوأهم محلتهم وبلغهم منجاتهم"(5).
﴿وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ﴾ حين ﴿نَادَيْنَا﴾ موسى أن خذ الكتاب بقوة أو حين ناجيناه ﴿وَلَكِن﴾ علمناك ﴿رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ﴾ رسول وشريعة وإن كان عليهم أنبياء وأوصياء حافظون لشرع الرسول السابق ظاهرون أو مستترون لامتناع خلو الزمان من حجة ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ يتعظون.