التّفسير
ذريعة للفرار من الحق:
حيث أن الآيات - آنفة الذكر - كانت تتحدث عن إرسال النّبي(ص) لينذر قومه، ففي هذه الآيات يبيّن القرآن ما ترتب من لطف الله على وجود النّبي فيقومه فيقول: إنّنا وقبل أن نرسل إليهم رسولا ا ذا أردنا انزال العذاب عليهم بسبب ظلمهم وسيئاتهم قالوا: لماذا لم ترسل لنا رسول يبيّن لنا احكامك لنؤمن به (ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربّنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين)(1).
هذه الآية تشير إلى موضوع دقيق، وهو أن طريق الحقّ واضحٌ وبيّن... وكل "عقل" حاكم ببطلان الشرك وعبادة الأصنام.. وقبح كثير من الأعمال التي تقع نتيجة الشرك وعبادة الأصنام - كالمظالم وما شاكلها - هي من مستقلات حكم العقل، وحتى مع عدم إرسال الرسل، فإنّ العقوبة على مثل هذه الأُمور ممكنة.
ولكن الله سبحانه حتى في هذا المجال ومع وضوح حكم العقل فيه أرسل الرسل مع الكتب السماوية والمعاجز الساطعة، إتماماً للحجّة ونفياً للعذر، لئلا يقول أحد: إنّما كان شقاؤنا بسبب عدم وجود الدليل، إذ لو كان فينا قائد إلهي لكنّا من أهل الهداية ومن الناجين.
وعلى كل حال فإنّ هذه الآية من الآيات التي فيها دلالة على لزوم اللطف عن طريق إرسال الأنبياء والرسل! وتدل على أن سنة الله قائمة على عدم تعذيب أية أمة قبل إرسال الرسل إليها، ونقرأ في سورة النساءالآية (65) أيضاً (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً).
﴿وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ﴾ عقوبة ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ من الكفر والمعاصي ﴿فَيَقُولُوا﴾ أي لو لا قولهم إذا عوقبوا بكفرهم ﴿رَبَّنَا لَوْلَا﴾ هلا ﴿أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ الفاء جواب التخصيص أي إنما أرسلناك لقطع عذرهم فالقول وهو سبب الإرسال ولكن لما كانت العقوبة سببا للقول أدخلت لو لا إليها وعطف القول عليها بفاء السببية إيذانا بأنهم إنما ألجأهم إلى القول العقوبة لا غير.