يقول القرآن الكريم في هذا الصدد (فخسفنا به وبداره الأرض).
أجل حين يبلغ الطغيان والغرور وتحقير المؤمنين الأبرياء والمؤامرّة ضد نبي الله أوجها، تتجلى قدرة الله تعالى وتطوي حياة الطغاة... وتدمرهم تدميراً يكون عبرة للآخرين.
مسألة "الخسف" هنا التي تعني انشقاق الأرض وابتلاع ما عليها، حدثت على مدى التاريخ عدّة مرات.. إذ تتزلزل الأرض ثمّ تنشقّ وتبتلع مدينة كاملة أو عمارات سكنية داخلها، لكن هذا الخسف الذي حدث لقارون يختلف عن تلك الموارد.. هذا الخسف كان طعمته قارون وخزائنه فحسب!.
يا للعجب!.. ففرعون يهوي في ماء النيل!.. وقارون في أعماق الأرض!.
الماء الذي هو سرّ الحياة وأساسها يكون مأموراً بهلاك فرعون.
والأرض التي هي مهاد الإطمئنان والدعة تنقلب قبراً لقارون واتباعه! ومن البديهي أنّ قارون لم يكن لوحده في ذلك البيت فقد كان معه أعوانه وندماءه ومن أعانه على ظلمه وطغيانه، وهكذا توغلوا في اعماق الارض جميعاً.
(فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين)... فلم يخلصه أصدقاؤه، ولا الذين كانوا يحملون أمتعته ولا أمواله ولا أي أحد من عذاب الله، ومضى قارون وأمواله ومن معه في قعر الأرض!
أمّا آخر آية - محل البحث - فتحكى عن التبدل العجيب لأولئك الذين كانوا يتفرجون على استعراض قارون بالأمس ويقولون: ياليت لنا مثل ما أوتي قارون، وما شابه ذلك!.
﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ﴾ أعوان ﴿يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ يمنعونه من عذابه ﴿وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ﴾ الممتنعين منه.