لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
سبب النزول نقل جماعة من المفسّرين - سبباً لنزول الآية الأُولى من الآيات أعلاه عن ابن عباس مضمونه مايلي: حين كان النّبي(ص) متوجهاً من مكّة إلى المدينة في سفر الهجرة وبلغ "الجحفة" وهي لا تبعد عن مكّة كثيراً... تذكر وطنه "مكّة" هذه البقعة التي هي حرم الله وأمنه وفيها البيت العتيق "الكعبة" التي تعلق بها قلب النّبي وروحه تعلقاً لا يقبل الإنفكاك.. ظهرت آثار الشوق على وجه النّبي الكريم مزيجة بالحزنوالتأثر، فنزل أمين الوحي جبريل على رسول الله وقال: أتشتاق إلى بلدك وهو مولدك؟! فقال النّبي(ص): نعم... فقال جبرئيل(ع): فإن اللّه يقول: (إن الذي فرض عليك القرآن لرآدك إلى معاد) (1) يعني مكّة... ونعلم أنّ هذا الوعد العظيم تحقق أخيراً، ودخل النّبي(ص) بجيشه القوي وقدرته وعظمته الكبيرة مكّة ظافراً، واستسلمت مكّة والحرم الآمن دون حرب للنّبي(ص). فعلى هذا تعدّ الآية آنفة الذكر من الإخبار الإعجازي السابق لوقوعه، إذ أخبر القرآن عن رجوع النّبي(ص) إلى مكّة بصورة قطعيّة ودون أي قيد وشرط، ولم تطل المدّة حتى تحقق هذا الوعد الإلهي الكبير!. التّفسير الوعد بعودة النّبي إلى حرم الله الآمن: هذه الآيات التي هي آخر الآيات في سورة القصص تخاطب نبيّ الإسلام(ص) وتبشره بالنصر، بعد أن جاءت الآيات الأُولى لتبيّن قصّة موسى و فرعون وما جرى له مع قومه، كما أنّ هذه الآيات فيها ارشادات وتعليمات مؤكّدة لرسول الإسلام(ص). قلنا: إنّ الآية الأُولى من هذه الآيات طبقاً لما هو مشهور بين المفسّرين نزلت في "الجحفة" في مسير النّبي(ص)، إلى المدينة إذ كان متوجهاً إلى يثرب لتتحول بوجوده إلى "مدينة الرّسول"... وأن يبذر النّواة الأصيلة... "لحكومة إسلامية" فيها ويجعلها مقرّاً لحكومة إلهية واسعة، ويحقق فيها أهدافها. لكن هذا الحنين والشوق والتعلق بمكّة يؤلمه كثيراً، وليس من اليسير عليه الإبتعاد عن حرم الله الآمن. وهنا يشرق في قلبه الطاهر نور الوحي، ويبشّره بالعودة إلى وطنه الذي ألفه فيقول: (إنّ الذي فرض عليك القرآن لرآدك إلى معاد). فلا تكترث ولا تُذهب نفسك حسرات، فالله الذي أعاد موسى إلى أُمّه هو الذي أرجعه أيضاً إلى وطنه بعد غياب عشر سنوات في مدين، ليشعل مصباح التوحيد ويقيم حكومة المستضعفين ويقضي على الفراعنة ودولتهم وقوّتهم. هو اللّه سبحانه الذي يردك إلى مكّة بكلّ قوّة وقدرة، ويجعل مصباح التوحيد على يدك مشرقاً في هذه الأرض المباركة. وهو الله الذي أنزل عليك القرآن، وفرض عليك إبلاغه، وأوجب عليك أحكامه. أجل، إنّ ربّ القرآن وربّ السماء والأرض العظيم، يسيرٌ عليه أن يردّك إلى معادك ووطنك "مكّة". ثمّ يضيف القرآن في خطابه للنّبي(ص)، أن يجيب على المخالفين الضالين بما علّمه الله (قل ربّي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين). إنّ طريق الهداية واضح، وضلالهم بيّن، وهم يتعبون أنفسهم عبثاً، فالله يعرف ذلك جيداً، والقلوب التي تعشق الحق تعرف هذه الحقيقة أيضاً. وبالطبع فإنّ التّفسير الواضح للآية كما بيّناه آنفاً، إلاّ أن جمعاً من المفسّرين لديهم احتمالات أُخرى في كلمة "معاد".. من قبيل "العودة للحياة بعد الموت" "المحشر" او "الموت". كما فسّروه "بالجنّة" أو مقام "الشفاعة الكبرى"... أو "بيت المقدس" الذي عرج النّبي منه أوّل مرة، وغير هذه المعاني. إلاّ أنّه مع الإلتفات إلى محتوى مجموع هذه السورة - القصص - وما جاء في قصّة موسى وفرعون وبني إسرائيل، وما سقناه من شأن نزول الآية، فيبعد تفسير المعاد بغير العودة إلى مكّة كما يبدو!. أضف إلى ذلك أن المعاد في يوم القيامة لا يختصّ بالنّبي وحده، والحال أنالآية تتحدث عن النّبي - هنا - وتخاطبه وحده. ووجود هذه الآية بعد الآية التي تتحدث عن الثواب والجزاء في يوم القيامة، لا دلالة فيها على هذا المعنى، بل على العكس من ذلك، لأنّ الآية السابقة تتحدث عن الانتصار في الدار الآخرة، ومن المناسب أن يكون الحديث في هذه الآية عن الإنتصار في هذه الدنيا. ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ﴾ أوجب تلاوته وتبليغه وامتثال ما فيه ﴿لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ عظيم الشأن في الرجعة أو في البعث أو هو مكة ورده إليها يوم الفتح ﴿قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى﴾ وما يستوجبه ﴿وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾ وما يستوجبه.