التّفسير
المنحرفون جنسياً:
بعد بيان جانب ممّا جرى لإبراهيم(ع) يتحدث القرآن عن قسم من قصّة حياة النّبي المعاصر لإبراهيم "لوط"(ع) فيقول: (ولوطاً إذْ قال لقومه إنّكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)(1).
"الفاحشة" كما بيناها من قبل، مشتقّة من مادة "فَحَشَ" وهي في الأصل تعني كل فعل أو كلام سيء للغاية، والمراد بها هنا الإنحراف الجنسي.(اللواط).
ويستفاد من جملة (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) بصورة جليّة أن هذا العمل السيء والمخزي لم يسبق له - على الأقل بشكل عام وجماعي - أن يقع في أية أُمة أو قوم كما وقع في قوم لوط.
ذكروا في أحوال قوم لوط أن واحداً من عوامل تلوثهم بهذا الذنب هو أنّهم كانوا قوماً بخلاء جداً، ولمّا كانت مدنهم على قارعة الطريق التي تمرّ بها قوافل الشام، فقد كانوا يظهرون هذا العمل "الإنحراف" لبعض ضيوفهم أو العابرين لينفروهم وكي لا يضيفوهم، إلاّ أنّهم تعودوا على هذا العمل القبيح، وقويت فيهم رغبة اللواط، فسقطوا في الوحل المخزي شيئاً فشيئاً.
على كل حال، سينؤون بحمل ذنوبهم وذنوب من يعمل عملهم، دون أن ينقص من ذنوب الآخرين شيء أبداً (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثالهم!).
لأنّهم كانوا مؤسسي هذه السنة المشؤومة، ونحن نعرف أن من سنّ سنة ما فهو شريك في عمل من يعمل بها أيضاً.
﴿وَلُوطًا﴾ عطف على إبراهيم ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ الفعلة الشنعاء ﴿مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ﴾.