التّفسير
أليس القرآن كافياً في إعجازه؟!
الأشخاص الذين لم يذعنوا ويسلّموا للبيان الإستدلالي والمنطقي الذي جاء به القرآن بسبب عنادهم وإصرارهم على الباطل، ولم يقبلوا بكتاب كالقرآنالذي جاء به إنسان أمي كالنّبي محمّد(ص) دليلا جليّاً على حقانية دعوته... تذرعوا بحجّة أخرى على سبيل الإستهزاء والسخرية، وهي أنّه لم لا تأت - يا محمّد - بمعجزة من المعاجز التي جاء بها موسى وعيسى (وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربّه).
ولِم لَم يكن لديه مثل عصى موسى ويده البيضاء ونفخة المسيح؟!
ولم لا يهلك أعداءه بمعاجزه، كما فعل موسى وشعيب وهود ونوح بأممهم المعاندين؟!.
أو كما يعبر على لسانهم القرآن في الآيات 90 - 93 من سورة الإسراء (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجّر لنا من الأرض ينبوعاً، أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً، أو تسقط السماء كما زعمت كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلا، أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيّك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربّي هل كنت إلاّ بشراً رسولا).
ومن دون شك فإنّ النّبي(ص) كانت لديه معاجز غير القرآن الكريم، كما أن التواريخ تصرح بذلك أيضاً... إلاّ أن أُولئك لم يكن قصدهم من وراء كلامهم الحصول على معجزة، بل كان قصدهم - من جهة - أن لا يعتبروا القرآن شيئاً مهماً وكتاباً إعجازياً، ومن جهة أُخرى كانوا يريدون معجزات مقترحة ـ"والمراد من المعجزات المقترحة هو أن يأتي النّبي(ص) طبقاً لرغبات هذا وذاك بمعاجز خارقة للعادة يقترحونها عليه، فمثلا يريد منه بعضهم أن يفجّر له الأرض ينابيع من الماء ا لزلال، ويريد الآخر منه أن يقلب له الجبال التي في مكّة ذهباً، ويتذرع الثّالث بأن هذا لا يكفي أيضاً بل ينبغي أن يصعد إلى السماء، وهكذا يجعلون المعجزة على شكل ألعوبة لا قيمة لها، وآخر الأمر.. وبعد رؤية كل هذه الأُمور يتهمونه بأنه ساحر".
لذلك فإن القرآن يقول في الآية (111) من سورة الأنعام (ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلّمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا).
وعلى كل حال فإنّ القرآن، للرد على ذرائع هؤلاء المحتالين ذوي الحجج الواهية، يدخل من طريقين:
فيقول أوّلا في خطابه لنبيه (قل إنّما الآيات عند الله) أي قل لأُولئك المعاندين أن الله يدري أية معجزة تناسب أي زمان وأي قوم، وهو يعلم أي الأفراد هم أتباع الحق، وينبغي أن يريهم المعاجز الخارقة للعادة، وأي الأفراد المتذرعون وأتباع هوى النفس؟!
ثمّ يضيف القرآن معقباً أن قل (وإنّما أنا نذير مبين).. فمسؤوليتي الإنذار - فحسب - والإبلاغ وبيان كلام الله، أمّا المعاجز والأُمور الخارقة للعادة فهي بأمر الله.
﴿وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ﴾ كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى ﴿قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ﴾ ينزلها كما يشاء ﴿وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ للإنذار بما أوتيت من الآيات.