أجل، يفرحون (بنصر الله... ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم).
ولكن ما المراد من فرح المؤمنون؟!
قال جماعة: المراد منه فرحهم بانتصار الروم، وإن كانوا في صفوف الكفار أيضاً، إلاّ أنّهم لكونهم لديهم كتاب سماوي فانتصارهم على المجوس يعدّ مرحلة من انتصار "التوحيد" على "الشرك".
وأضاف آخرون: إن المؤمنين إنّما فرحوا لأنّهم تفألوا من هذه الحادثة فألا حسناً، وجعلوها دليلا على انتصارهم على المشركين.
أو أن فرحهم كان لأنّ عظمة القرآن وصدق كلامه المسبق القاطع - بنفسه - انتصار معنوي للمسلمين وظهر في ذلك اليوم.
ولا يبعد هذا الإحتمال وهو أن انتصار الروم كان مقارناً مع بعض انتصارات المسلمين على المشركين، وخاصة أن بعض المفسّرين أشار إلى أن هذا الإنتصار كان مقارناً لإنتصار بدر أو مقارناً لصلح الحديبية.
وهو بنفسه يعدّ انتصاراً كبيراً، وخاصة إن التعبير بنصر الله أيضاً يناسب هذا المعنى.
والخلاصة: إنّ المسلمين "المؤمنين" فرحوا في ذلك اليوم لجهات متعددة:
1 - من انتصار أهل الكتاب على المجوس، لأنّه ساحة لإنتصار الموحدين على المشركين.
2 - من الإنتصار المعنوي لظهور إعجاز القرآن.
3 - ومن الإنتصار المقارن لذلك الإنتصار، ويحتمل أن يكون صلح الحديبية، أو بعض فتوحات المسلمين الأُخر!.
(في بضع سنين) هو ما بين الثلاث والعشر (لله الأمر من قبل ومن بعد) قبل غلبهم لفارس وهو حين غلبوا وبعد غلب فارس إياهم وهو حين يغلبون أي كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا ليس إلا بأمر الله (ويومئذ) يوم تغلب الروم (يفرح المؤمنون (بنصر الله) المؤمنين بإظهار صدق نبيهم فيما أخبر به أو بتولية بعض الظالمين بعضا ووافق ذلك يوم نصر المؤمنين ببدر فنزل به جبرئيل ففرحوا بالنصرين (ينصر من يشاء) بمقتضى الحكمة (وهو العزيز) بخذلانه لمن يشاء (الرحيم) بنصره لمن يشاء .