والآية التي بعدها تبيّن السبب في مخالفة هذه الطائفة، فتقول: إن لجاجة هؤلاءالتي لاحدّ لها وعداءهم للحق، إنّما هو لفقدانهم الإحساس والإدراكبسبب كثرة ذنوبهم، ولأنّهم لا يعلمون شيئاً... إذ تقول: (كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون).
وكلمة "يطبع" مأخوذة من الطبع، ومعناها ختم الشيء، وهي إشارة إلى ما كان يجري في السابق، وهو جار أيضاً اليوم إذ يختم على الشيء كيلا يتصرف به ويُغلق بإحكام، وقد يضعون عليه القفل ويضربون عليه مادة لزجة مختومة بإشارة معينة كما بيّنا بحيث لا يمكن فتح ذلك الشيء إلاّ بكسره، فيفتضح أمره بسرعة.
وكان القرآن استعمل هذا التعبير كناية عن القلوب التي لا ينفذ إليها النصح، والذين فقدوا الوجدان والعقل والعلم، ولا أمل في هدايتهم.
وممّا يسترعي الإنتباه أنّ في الآيات السابقة ذكر العلم أساساً للإيمان، وفي هذه الآية ذُكر الجهل أساساً للكفر وعدم التسليم للحق.
أمّا آخر آية - من الآيات محل البحث - التي تقع في آخر سورة الروم، فهي تأمر النّبي(ص) أمرين مهمين، وتبشره بشارة كبرى، لتحثه على مواصلة الوقوف والتصدي للمشركين والجاهلين والسفهاء بالاستقامة والصبر.
(كذلك) الطبع (يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) الحق لتركهم النظر أي يمنعهم ألطافه لعلمه بأنها لا تجدي فيهم .