وأشارت الآية التالية إلى ردّ فعل هذه الفئة أمام آيات الله، وتوحي بالمقارنة بردّ فعلهم تجاه لهو الحديث، فتقول: (وإذا تتلى عليه آياتنا ولّى مستكبراً كأن لم يسمعها كأنّ في اُذنيه وقراً) أي ثقلا يمنعه من السماع... ثمّ تذكر أخيراً عقاب مثل هؤلاء الأفراد الأليم فتقول: (فبشّره بعذاب أليم).
إنّ التعبير بـ (ولّى مستكبراً) إشارة إلى أنّ إعراضه لم يكن نابعاً من تضرّر مصالحه الدنيويّة والحدّ من رغباته وشهواته فحسب، بل إنّ الأمر أكبر من ذلك، فإنّ فيه دافع التكبّر أمام عظمة الله وآياته، وهو أعظم ذنب فيه.
والرائع في تعبير الآية أنّها تقول أوّلا: إنّه لم يعبأ بآيات الله كأنّه لم يسمعها قطّ، ويمرّ عليها دون إكتراث بها، ثمّ تضيف: بل كأنّه أصمّ لا يسمع أيّ كلام قطّ!
إنّ جزاء مثل هؤلاء الأفراد يناسب أعمالهم، فكما أنّ أعمالهم كانت مؤلمة ومؤذية لأهل الحقّ، فإنّ الله سبحانه قد جعل عقابهم وعذابهم أليماً أيضاً.
وينبغي الإلتفات إلى أنّ تعبير (بشّر) في مورد العذاب الإلهي الأليم، يتناسب مع عمل المستكبرين الذين كانوا يتّخذون آيات الله هزواً، والتشبّه بصفات أبي جهل، حيث كانوا يفسّرون "زقّوم جهنّم" بالزبد والتمر!
﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا﴾ متكبرا ﴿كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا﴾ مشبها من لم يسمعها ﴿كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا﴾ مشبها الأصم ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ أعلمه به والبشارة تهكم.