ثمّ تتطرّق إلى "مالكية" الله، لأنّه بعد ثبوت كونه خالقاً لا حاجة إلى دليل على كونه مالكاً، فتقول: (لله ما في السموات والأرض).
ومن البديهي أنّ الخالق والمالك يكون مدبّراً لأمر العالم أيضاً، وبهذا تثبت أركان التوحيد الثلاثة، وهي: "توحيد الخالقية" و "توحيد المالكية" و "توحيد الربوبية".
والذي يكون على هذا الحال فإنّه غنيّ عن كلّ شيء، وأهل لكلّ حمد وثناء، ولذلك تقول الآية في النهاية: (إنّ الله هو الغني الحميد).
إنّه غنيّ على الإطلاق، وحميد من كلّ جهة، لأنّ كلّ موهبة في هذا العالم تعود إليه، وكلّ ما يملكه الإنسان فانّه صادر منه وخزائن كلّ الخيرات بيده، وهذا دليل حيّ على غناه.
ولمّا كان "الحمد" بمعنى الثناء على العمل الحسن الذي يصدر عن المرء بإختياره، وكلّ حسن نراه في هذا العالم فهو من الله سبحانه، فإنّ كلّ حمد وثناء منه، فحتّى إذا مدحنا جمال الزهور، ووصفنا جاذبية العشق الملكوتي، وقدّرنا إيثار الشخص الكريم، فإنّنا في الحقيقة نحمده، لأنّ هذا الجمال والجاذبية والكرم منه أيضاً... إذن فهو حميد على الإطلاق.
﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ملكا وخلقا ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ على الإطلاق ﴿الْحَمِيدُ﴾بالاستحقاق ﴿وَلَوْ﴾ ثبت ﴿أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ﴾ الدالة على علمه وحكمه بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد لعدم تناهيها وجمع القلة يشعر بأن ذلك لا يفي بقليلها دون كثيرها ﴿إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ لا يعجزه شيء ﴿حَكِيمٌ﴾ لا يخرج عن علمه وحكمته شيء.