التّفسير
يوم إنتصارنا:
كانت الآيات السابقة ممزوجة بتهديد المجرمين من الكفّار، وتقول الآية الاُولى من الآيات مورد البحث إكمالا لهذا التهديد: (أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون(1)) فهؤلاء يسيرون بين الخرائب ويرون آثار اُولئك الأقوام الذين هلكوا من قبلهم (يمشون في مساكنهم)(2).
تقع مساكن "عاد" و "ثمود" المدمّرة، ومدن "قوم لوط" الخربة في طريق هؤلاء إلى الشام، وكانت هذه المساكن مقرّاً ومركزاً للأقوام الأقوياء المنحرفين، وطالما حذّرهم الأنبياء فلم يؤثّر فيهم ذلك، وأخيراً طوى العذاب الإلهي ملفّ حياتهم، وكان المشركون يمرّون على تلك الخرائب فكأنّ لكلّ بيوت هؤلاء وقصورهم المتهدّمة مئة لسان، تصيح بهؤلاء أن يتنبّهوا، وتبيّن لهم وتحدّثهم بنتيجة الكفر والإنحطاط، لكنّهم لم يعبؤوا بها ويلتفتوا إليها، وكأنّهم فقدوا أسماعهم تماماً، ولذلك تضيف الآية في النهاية: (إنّ في ذلك لآيات أفلا يسمعون).
﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ يبين لقريش الله أو ما دل عليه ﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ أي كثرة من أهلكناه ﴿مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْقُرُونِ﴾ الأمم بكفرهم ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ﴾ ويرون آثارهم في أسفارهم ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ﴾ لعبر ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾ سماع اعتبار.