ولمّا كانت هناك مشاكل كثيرة، وتهديدات ومؤامرات، ومعوّقات في الإستمرار في سلوك هذا الطريق، فإنّه تعالى يصدر الأمر الرابع بأن (وتوكّل على الله وكفى بالله وكيلا) فلو أنّ الف عدوّ يسعى لقتلك، فلا تخش ولا تخف منهم لأنّي ناصرك ومعينك.
ومع أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النّبي (ص)، إلاّ أنّه خطاب لكلّ المؤمنين، ولعامّة المسلمين، وهو وصفة طبية تمنح الحياة، ودواء لبث النشاط والحيوية في كلّ عصر وزمان.
وقال بعض المفسّرين: إنّ الخطاب بـ (ياأيّها) خاصّ بالموارد التي يراد منها جلب إنتباه العموم لمطلب ما، وإن كان المخاطب واحداً، بخلاف الخطاب بـ (يا) والذي يستعمل في الموارد التي يراد منها شخص المخاطب(2).
ولمّا كانت هذه الآيات قد بدأت بـ (ياأيّها) فإنّها تؤكّد كون الهدف من هذه الآيات هو العموم.
والشاهد الآخر للتعميم، هو أنّ جملة: (إنّ الله كان بما تعملون خبيراً) قد وردت بصيغة الجمع، وإذا كان المخاطب هو النّبي (ص)، فينبغي أن تقول الآية: إنّ الله كان بما تعمل خبيراً -.
ولا يخفى أنّ هذه الأوامر الموجّهة إلى النّبي (ص) لا تعني أنّه كان مقصّراً في التقوى أو أنّه يتّبع الكافرين والمنافقين، بل إنّ لهذه الأوامر صفة التأكيد على واجبات النّبي (ص) من جهة، وهي درس وعبرة لكلّ المؤمنين من جهة اُخرى.
﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ في أمرك ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ حافظا.