ومن هنا يعلم أنّ للذكر الكثير معنىً واسعاً، وإذا ما فسّر في بعض الرّوايات بتسبيح فاطمة (عليها السلام) - وهو 34 مرّة (الله أكبر) و33 مرّة (الحمد لله) و33 مرّة (سبحان الله) - وفي كلمات بعض المفسّرين بذكر الصفات العليا والأسماء الحسنى، وتنزيه الله سبحانه عمّا لا يليق به، فإنّ كلّ ذلك من باب ذكر المصداق الواضح، لا تحديد المعنى بخصوص هذه المصاديق.
وكما يظهر بوضوح من سياق الآيات، فإنّ المراد من "تسبيح الله" في كلّ غداة وعشي هو إستمرار التسبيح، وذكر هذين الوقتين بالخصوص بإعتبارهما بداية اليوم ونهايته، وما فسّرهما به البعض من أنّ المراد صلاتي الصبح والعصر، أو أمثال ذلك، فهو من قبيل ذكر المصداق أيضاً.
لهذا فإنّ ذكر الله الكثير، وتسبيحه بكرةً وأصيلا لا يحصل إلاّ بإستمرار التوجّه إلى الله، وتنزيهه عن كلّ عيب ونقص، وتقديسه المتّصل، فذكر الله غذاء لروح الإنسان كما أنّ الطعام والشراب غذاء للبدن.
وجاء في الآية ( رقم 28) من سورة الرعد (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ونتيجة هذا الإطمئنان القلبي هو ما ورد في الآيات 27- 30 من سورة الفجر، حيث تقول: (ياأيّتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربّك راضيةً مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي).
﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ أول النهار وآخره.