ثمّ تبيّن الآية التالية نتيجة القول السديد، فتقول: (يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم).
إنّ التقوى في الواقع هي دعامة إصلاح اللسان وأساسه، ومنبع قول الحقّ، والقول الحقّ أحد العوامل المؤثّرة في إصلاح الأعمال، وإصلاح الأعمال سبب مغفرة الذنوب، وذلك لـ (انّ الحسنات يذهبن السيّئات).(3)
يقول علماء الأخلاق: إنّ اللسان أكثر أعضاء البدن بركة، وأكثر الوسائل تأثيراً في الطاعة والهداية والصلاح، وهو في الوقت نفسه يعدّ أخطر أعضاء البدن وأكثرها معصية وذنباً، حتّى أنّ ما يقرب من الثلاثين كبيرة تصدر من هذا العضو الصغير(4).
وفي حديث عن النّبي الأكرم (ص): "لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه"(5).
ومن الرائع جدّاً ما ورد في حديث آخر عن الإمام السجّاد (ع): "إنّ لسان ابن آدم يشرف كلّ يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا.
ويقولون: الله الله فينا، ويناشدونه ويقولون: إنّما نثاب بك ونعاقب بك"(6).
هناك روايات كثيرة في هذا الباب تحكي جميعاً عن الأهميّة الفائقة للّسان ودوره في إصلاح الأخلاق وتهذيب النفوس الإنسانية، ولذلك نقرأ في حديث: "ما جلس رسول الله (ص) على هذا المنبر قطّ إلاّ تلا هذه الآية: (ياأيّها الذين آمنوا
اتّقوا الله وقولوا قولا سديداً)(7).
ثمّ تضيف الآية في النهاية: (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً)وأي فوز وظفر أسمى من أن تكون أعمال الإنسان صالحة، وذنوبه مغفورة، وهو عند الله من المبيضة وجوههم الذين رضي الله عنهم؟!
﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ يتقبلها أو يوفقكم بلطفه للأعمال الصالحة ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ باستقامتكم بالقول والعمل ﴿وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ظفر ببغيته.