ويضيف تعالى في الآية التالية: (وإن يكذّبوك) فلا عجب من ذلك، ولا تحزن بسبب ذلك، لأنّه (فقد كذّب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبيّنات وبالزبر وبالكتاب المنير).
فلست وحدك الذي أصبحت موضع تكذيب هؤلاء القوم الجاهلين بما عندك من معجزات وكتاب سماوي، فقد واجه الرسل السابقون هذه المشكلة أيضاً، لذا فلا تغتمّ وواصل سيرك بحزم، واعلم أنّ من كتبت له الهداية فسوف يهتدي.
أمّا ما هو الفرق بين (البيّنات- والزبر- والكتاب المنير)؟ المفسّرين أظهروا وجهات نظر مختلفة، أوضحها تفسيران:
1- "البيّنات" بمعنى الدلائل الواضحة والمعجزات التي تثبت حقّانية النبي، أمّا "الزبر" فجمع "زبور" بمعنى الكتب التي كتبت بإحكام (مثل الكتابة على الحجر وأمثالها) وهي كناية عن إستحكام مطالبها(1). وإشارة إلى الكتب النازلة قبل موسى (ع). في حين أنّ "الكتاب المنير" إشارة إلى كتاب موسى (ع) والكتب السماوية الاُخرى التي نزلت بعده، (لأنّه وردت الإشارة في القرآن المجيد في سورة المائدة- الآيات 44 و46 إلى التوراة والإنجيل على أنّهما (هدى ونور) وفي نفس السورة- الآية 15 عبّر عن القرآن الكريم بالنور أيضاً).
2- المقصود بـ "الزبر" ذلك القسم من كتب الأنبياء التي تحتوي على العبرة والموعظة والنصيحة والمناجاة (كزبور داود)، وأمّا "الكتاب المنير" فتلك المجموعة من الكتب السماوية التي تحتوي على الأحكام والقوانين والتشريعات الإجتماعية والفردية المختلفة مثل التوراة والإنجيل والقرآن. ويبدو أنّ هذا التّفسير أنسب.
﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بالمعجزات المصدقة لهم ﴿وَبِالزُّبُرِ﴾ كصحف إبراهيم ﴿وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ كالتوراة والإنجيل أو أريد بهما واحد والعطف لاختلاف الوصفين.