الآية التالية تشرح الهدف الأصلي لنزول القرآن كما يلي (ولتنذر قوماً ما اُنذر آباؤهم فهم غافلون)(5) أي إنّه لم يأت نذير لآبائهم.
من المسلّم أنّ المقصود بهؤلاء القوم هم المشركون في مكّة، وإذا قيل أنّه لم تخلُ اُمّة من منذر، وأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله، علاوةً على أنّه تعالى يقول في الآية (24) من سورة فاطر (وإنّ من اُمّة إلاّ خلا فيها نذير)؟
فنقول: إنّ المقصود من الآية- مورد البحث- هو المنذر الظاهر والنّبي العظيم الذي ملأ صيته الآفاق، وإلاّ فإنّ الأرض لم تخلُ يوماً من حجّة لله على عباده، وإذا نظرنا إلى الفترة من عصر المسيح (ع) إلى قيام الرّسول الأعظم (ص) نجدها لم تخل من الحجّة الإلهية، بل إنّها فترة من قيام اُولي العزم، يقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بهذا الخصوص "إنّ الله بعث محمّداً (ص) وليس أحد من العرب يقرأ كتاباً ولا يدّعي نبوّة!".(6)
وعلى كلّ حال فإنّ الهدف من نزول القرآن الكريم كان تنبيه الناس الغافلين، وإيقاظ النائمين، وتذكيرهم بالمخاطر المحيطة بهم، والذنوب والمعاصي التي ارتكبوها، والشرك وأنواع المفاسد التي تلوّثوا بها، نعم فالقرآن أساس العلم واليقظة، وكتاب تطهير القلب والروح.
﴿لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾ لم ينذرهم في الفترة رسول بشريعة وإن كان فيها أوصياء لامتناع خلو الزمان من حجة أو الذي أو شيئا أنذر به آباؤهم ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ ولذا أرسلت إليهم.