الآية التالية تتناول وصفاً آخر لحالة تلك المجموعة، وتمثيلا ناطقاً عن عوامل وأسباب عدم تقبّلهم الحقائق فتقول: (وجعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً) وحوصروا بين هذين السدّين وأمسوا لا يملكون طريقاً لا إلى الأمام ولا إلى الوراء، آنئذ (فأغشيناهم فهم لا يبصرون).
ويا له من تشبيه رائع!! فهم من جهة كالأسرى في الأغلال والسلاسل، ومن جهة اُخرى فإنّ حلقة الغلّ عريضة بحيث أنّها ترفع رؤوسهم إلى السماء، وتمنعهم من أن يبصروا شيئاً ممّا حولهم، ومن جهة ثالثة فهم محاصرون بين سدود من أمامهم وخلفهم وممنوعون من سلوك طريقهم إلى الأمام أو إلى الخلف. ومن جهة رابعة (فهم لا يبصرون) إذ فقدت عيونهم كلّ قدرة على الإبصار.
تأمّلوا مليّاً ماذا ينتظر ممّن هو على تلك الحال؟ ما هو مقدار إدراكه للحقائق؟
ماذا يمكنه أن يبصر؟ وكيف يمكنه أن ينقل خطاه؟ فكذلك حال المستكبرين المعاندين العمي الصمّ في قبال الحقائق!!
﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ مثلوا في تعاميهم عن الدلائل الواضحة بمن منعهم سدان أن يبصروا قدامهم وخلفهم.