ثمّ تنتقل الآيات لتتعرّض إلى جانب من مثوبة المؤمنين العظيمة، وقبل كلّ شيء تشير إلى مسألة الطمأنينة وراحة البال فتقول: (إنّ أصحاب الجنّة اليوم في شغل فاكهون).
(شغل):- على وزن سرر- و (شغل)- على وزن لطف- : كليهما بمعنى العارض الذي يذهل الإنسان ويصرفه عن سواه، سواء كان ممّا يبعث على المسرّة أو الحزن، ولكن لإلحاقه كلمة (فاكهون) التي هي جمع (فاكه) وهو المسرور الفرح الضاحك، يمكن إستنتاج أنّ المعنى إشارة إلى الإنسان المشغول بنفسه والمنصرف تماماً عن التفكير في أي قلق أو ترقّب، والغارق في السرور والسعادة والنشاط بشكل لا يترك أي مجال للغمّ والحسرة أن تعكّر عليه صفوه، وحتّى أنّه ينسى تماماً هول قيام القيامة والحضور في محكمة العدل الإلهية، تلك المواقف التي لولا نسيانها فإنّها حتماً ستلقي بظلالها الثقيلة من الغمّ والقلق على القلب، وبناءً على ذلك فإنّ أحد الآثار المترتبة على إنشغال الذهن بالنعمة هو نسيان أهوال المحشر(1).
﴿إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ﴾ سرور وملاذ ﴿فَاكِهُونَ﴾ أي ناعمون.