التّفسير
لماذا عبدتم الشيطان؟!
مرّ في الآيات السابقة جانب من المصير المشوّق لأهل الجنّة، وفي هذه الآيات مورد البحث جانب بئيس من مصير أهل النار وعبدة الشيطان.
أوّلا: يخاطبون في ذلك اليوم خطاباً تحقيرياً (وامتازوا اليوم أيّها المجرمون).
فأنتم ربّما دخلتم في صفوف المؤمنين في الدنيا وتلونتم بلونهم تارةً، واستفدتم من حيثيتهم وإعتبارهم، أمّا اليوم (فامتازوا عنهم) وأظهروا بشكلكم الأصلي الحقيقي.
هذا في الحقيقة هو تحقّق للوعد الإلهي الوارد في الآية (28) من سورة ص حيث يقول الباري عزّوجلّ: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين
في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار).
وعلى كلّ حال، فظاهر الآية هو التمييز في العرض بين المجرمين والمؤمنين، وإن كان بعض المفسّرين قد احتمل إحتمالات اُخرى من جملتها: تفريق صفوف المجرمين أنفسهم إلى مجموعات فيما بينهم، أو إنفصال المجرمين عن شفعائهم ومعبوداتهم، أو إنفصال المجرمين كلّ واحد عن الآخر، بحيث يكون ذلك العذاب الناتج عن الفراق مضافاً على عذاب الحريق في جهنّم.
ولكن شمولية الخطاب لجميع المجرمين، ومحتوى جملة (وامتازوا) تقوّي المعنى الأوّل الذي أشرنا إليه.
﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ انفردوا عن المؤمنين وذلك عند اختلاطهم بهم في المحشر أو اعتزلوا عن كل خير أو تفرقوا في النار.