التّفسير
الملائكة المستعدّة لتنفيذ المهام:
هذه السورة هي أوّل سورة في القرآن الكريم تبدأ بالقسم، القسم المليء بالمعاني والمثير للتفكّر، القسم الذي يجوب بفكر الإنسان في جوانب مختلفة من هذا العالم، ويجعله متهيّئاً لتقبّل الحقائق.
من المسلّم به أنّ الله تبارك وتعالى هو أصدق الصادقين، وليس بحاجة إلى القسم، إضافةً إلى أنّ قسمه إن كان للمؤمنين، فإنّهم مؤمنون به من دون قسم، وإن كان للناكرين، فإنّ اُولئك لا يعتقدون بالقسم الإلهي.
ونلفت الإنتباه إلى نقطتين لحلّ مشكلة القسم في كلّ آيات القرآن التي سنتناولها من الآن فما بعد.
الاُولى: أنّ القسم يأتي دائماً بالنسبة إلى اُمور مهمّة وذات قيمة، ولذلك فإنّ أقسام القرآن تشير إلى عظمة وأهميّة الأشياء المقسم بها. وهذا الأمر يدعو إلى التفكّر أكثر بالشيء المقسم به، التفكّر الذي يكشف للإنسان عن حقائق جديدة.
الثانية: أنّ القسم يأتي للتأكيد، وللدلالة على أنّ الاُمور التي يقسم من أجلها هي اُمور جديّة ومؤكّدة.
وعلاوةً على ذلك أنّ المتحدّث لو تحدّث بصورة حازمة ومؤكّدة، فإنّ تأثير كلامه من الناحية النفسية سيكون أوقع على قلب المستمع، كما أنّه يقوّي المؤمنين ويضعّف الكافرين.
على كلّ حال، فإنّ بداية هذه السورة تذكر أسماء ثلاثة طوائف أقسم بها الله تعالى(1).
الاُولى: (والصافات صفّاً).
﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا﴾ قسم بالملائكة الصافين تعبدا أو بنفوس الصافين في الصلاة أو في الدعاء إلى الله.