نعم احشروهم وما كانوا يعبدون (من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم).
(احشروا) مشتقّة من (حشر) ويقول الراغب في مفرداته: إنّها تعني إخراج الجماعة عن مقرّهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها.
وهذه الكلمة تأتي بمعنى "تجميع" في الكثير من الحالات.
على كلّ حال، فالخطاب هنا إمّا أن يكون من جانب الله عزّوجلّ، أو من طائفة من الملائكة إلى طائفة اُخرى مكلّفة بسوق المجرمين إلى الجحيم والنتيجة واحدة.
(أزواج) هنا إمّا أن تشير إلى زوجات المجرمين والمشركين، أو إلى من يعتقد إعتقادهم ويعمل عملهم ومن هو على شاكلتهم، لأنّ هذه الكلمة تشمل المعنيين، حيث نقرأ في سورة الواقعة الآية (السابعة) (وكنتم أزواجاً ثلاثة).
وبهذا يحشر المشركون مع المشركين والأشرار، وذوو القلوب العمياء مع نظائرهم، ثمّ يساقون إلى جهنّم.
أو أنّ المقصود من الأزواج هم الشياطين الذين كانوا يشابهونهم في الشكل والعمل.
المهمّ، هو عدم وجود أي إختلاف بين هذه المعاني الثلاثة، ومن الممكن أن تجتمع في مفهوم الآية.
جملة (ما كانوا يعبدون) تشير إلى آلهة المشركين، كالأصنام والشياطين والطغاة المتجبّرين والفراعنة والنماردة، وعبّرت عنها بـ (ما كانوا يعبدون) لكون أغلب تلك الآلهة موجودات عديمة الحياة وغير عاقلة، وقد إصطلح عليها بهذا التعبير لأنّه يعطي طابع التغليب.
(الجحيم) تعني جهنّم، وهي من مادّة (جحمة) على وزن (ضربة) وتعني شدّة تأجيج النار.
والملاحظ في الآية إستخدامها عبارة (فاهدوهم إلى صراط الجحيم) حقّاً كم هذه العبارة عجيبة؟ ففي أحد الأيّام اُرشدوا إلى الصراط المستقيم ولكنّهم لم يقبلوه، واليوم يجب أن يهدوا إلى صراط الجحيم، وهم مجبرون على القبول به، وهذا توبيخ عنيف لهم يجعلهم يتحرّقون ألماً في أعماقهم.
﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ أشياعهم عابد الوثن مع عبدته وعابد النجم مع عبدته أو قرناؤهم من الشياطين أو نساؤهم اللاتي على دينهم ﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ﴾ من الأوثان ﴿فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ سوقوهم إلى طريقها.