التّفسير
جوانب من النعم لأهل الجنّة:
الآيات الأخيرة في البحث السابق تحدّثت عن عباد الله المخلصين، أمّا آيات بحثنا هذا فإنّها تستعرض العطايا والنعم غير المحدودة التي يهبها الله سبحانه وتعالى لأهل الجنّة، ويمكن توضيحها في سبعة أقسام:
تقول الآية أوّلا: إنّ لهم رزقاً معلوماً ومعيّناً (اُولئك لهم رزق معلوم).
فهل هذه هي خلاصة لتلك النعم التي ستبيّنها الآيات فيما بعد، وتوضيح للنعم التي ستغدق عليهم بصورة خفيّة.
أو إشارة إلى نعم معنوية غير معروفة وغير قابلة للوصف، تتصدّر نعم أهل الجنّة.
بعض المفسّرين فسّرها بالشكل الأوّل، فيما فسّرها آخرون بالشكل الثاني، وتناسب البحث يتواءم مع المعنى الثاني، وبهذا فإنّ النعمة الاُولى من النعم السبع- التي وردت في آيات بحثنا- هي الهبات المعنوية والمتع الروحية ودرك مظاهر ذات الله، وتناول الشراب الطاهر والغمرة في عشق الله. اللذّة التي لا يمكن أن يدركها العبد ما لم يتذوّقها ويعيش رحابها.
والسبب في أنّ العطايا الماديّة في الجنّة قد ذُكرت في آيات القرآن الكريم بالتفصيل والهبات المعنوية والملذّات الروحية استعرضت بصورة خفيّة، فهو أنّ الأُولى قابلة للوصف دون الثانية.
وأمّا بشأن معنى (رزق معلوم) فلقد قيل عنها الكثير، هل هي بمعنى معلوم الوقت، أم بقاءه ودوامه، أم سائر خصائصه؟ ولكن كما قلنا قبل قليل فانّ "معلوم" تعبير خفي ومجمل عن المواهب التي لا تقبل الوصف.
﴿أُوْلَئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ﴾ وقته أو صفته أو لخدامهم يأتونهم به قبل أن يسألوهم إياه.