بعد هذا العرض المختصر ندخل في التفاصيل، قال تعالى: (إذ جاء ربّه بقلب سليم).
حيث فسّر المفسّرون (قلب سليم) بعدّة صور، أشارت كلّ واحدة منها إلى أحد أبعاد هذه المسألة.
القلب الطاهر من الشرك.
أو القلب الخالص من المعاصي والظلم والنفاق.
أو القلب الخالي من حبّ الدنيا، لأنّ حبّ الدنيا هو مصدر كلّ الخطايا.
وأخيراً هو القلب الذي لا يوجد فيه شيء سوى الله.
في الحقيقة إنّ كلمة (سليم) مشتقّة من (السلامة)، وعندما تطرح السلامة. بصورة مطلقة، فإنّها تشمل أيضاً السلامة من كلّ الأمراض الأخلاقية والعقائدية.
فالقرآن الكريم يقول بشأن المنافقين (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً)،(2) أي إنّ قلوبهم مصابة بنوع من أنواع المرض، وإنّ الله سبحانه وتعالى أضاف أمراضاً اُخرى إلى ذلك المرض على أثر لجاجتهم وإرتكابهم المزيد من الذنوب.
وأجمل من فسّر عبارة (القلب السليم) هو الإمام الصادق (ع) عندما قال: "القلب السليم الذي يلقى ربّه وليس فيه أحد سواه!"(3). حيث جمع بقوله كلّ الأوصاف المذكورة مسبقاً.
وقد جاء في رواية اُخرى للإمام الصادق (ع) "صاحب النيّة الصادقة صاحب القلب السليم، لأنّ سلامة القلب من هواجس المذكورات تخلص النيّة لله في الاُمور كلّها"(4).
واعتبر القرآن الكريم القلب السليم رأس مال نجاة الإنسان يوم القيامة، حيث نقرأ في سورة الشعراء، وفي الآيات 88 و89 على لسان النّبي الكبير إبراهيم(ع)قوله تعالى: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سليم)(5).
﴿إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ من الشك والشرك، خالص لله.