أمّا الآية التي تلتها فقد تحدّثت بصراحة أكثر (أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين).
ومن هنا يتّضح أنّ قومه كانوا يعبدون صنماً إسمه (بعل) ويسجدون له، وأنّ هذا النّبي كان يدعوهم إلى ترك هذا العمل القبيح، والتوجّه إلى الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون العظيم وتوحيده وعبادته.
جمع من المفسّرين ذهبوا إلى أنّ إلياس كان مبعوثاً إلى مدينة "بعلبك" إحدى مدن بلاد الشام(1) لأنّ (بعل) هو اسم ذلك الصنم و (بك) تعني مدينة، ومن تركيب هاتين الكلمتين نحصل على كلمة (بعلبك) وقيل: إنّ الصنم (بعل) كان مصنوعاً من الذهب وطوله حوالي (20) ذراعاً وله أربعة أوجه، وخدمته كانوا (400) شخصاً(2).
ولكن البعض ذهبوا إلى أنّ (بعل) ليس إسماً لصنم معيّن، بل يطلق بصورة عامّة على الأصنام، فيما قال البعض الآخر: إنّها تعني (الربّ والمعبود). وقال (الراغب) في مفرداته: إنّ كلمة "بعل" تعني (الزوج) أمّا العرب فتطلقها على الأصنام التي تعبدها والتي بواسطتها يقربون إلى الله سبحانه وتعالى على حدّ زعمهم.
وعبارة (أحسن الخالقين) رغم أنّها تشير إلى أنّ الله سبحانه وتعالى خالق هذا الكون ولا يوجد خالق سواه، فهي تشير أيضاً حسب الظاهر إلى الأشياء المصنوعة، أي التي يصنعها الإنسان بعد أن يغيّر شكل المواد الطبيعية، ومن هنا سمّي بالخالق، رغم أنّه تعبير مجازي.
﴿أَتَدْعُونَ﴾ تعبدون ﴿بَعْلًا﴾ اسم صنم من ذهب ﴿وَتَذَرُونَ﴾ تتركون ﴿أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾.