كما تمرّون من هناك في الليل أفلا تعقلون؟ (وبالليل أفلا تعقلون).
هذه الآيات تخاطب قوافل أهل الحجاز التي كانت تذهب ليلا ونهاراً إلى بلاد الشام عبر مدن قوم لوط، وتقول: لو كان لهم آذان حيّة لسمعوا الصراخ المذهل والعويل المفزع لهؤلاء القوم المعذّبين.
لأنّ آثار ديار قوم لوط الخربة تحكي بصمت دروساً كبيرة لكلّ المارّين من هناك، وتحذر من الإبتلاء بمثل هذا العذاب.
نعم، إنّه درس ما أكثر العبر فيه، ولكن المعتبرين منه قليل "ما أكثر العبر وأقلّ الإعتبار"(2).
ونظير هذا المعنى موجود في الآية (76) من سورة الحجر، والتي تقول بعد بيان قصّة قوم لوط (وإنّها لبسبيل مقيم) أي إنّ آثارهم تقع دائماً في طريق القوافل والمشاة المارّين من هناك.
وفسّرت رواية عن الإمام الصادق (ع) الآية بشكل آخر، فعندما سأله أحد أصحابه عن معنى الآية (وإنّكم لتمرّون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون)أجاب الإمام الصادق قائلا: "تمرّون عليهم في القرآن إذا قرأتم في القرآن فاقرؤوا ما قصّ الله عليكم من خبرهم"(3).
هذا التّفسير قد يكون إشارة إلى تفسير ثان، على أيّة حال فالجمع بين التّفسيرين لا ضرر فيه، لأنّ آثار قوم لوط الباقية شاخصة للأبصار، إضافةً إلى أنّ آيات القرآن الكريم تتطرّق لأخبار قوم لوط والعذاب الذي نزل عليهم.
﴿وَبِاللَّيْلِ﴾ أي نهارا وليلا ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ ما أصابهم تعتبرون