لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
أسباب النّزول وردت في كتب التّفسير والحديث أسباب متشابهة لنزول الآيات الاُولى من هذه السورة، وسنستعرض أحد هذه الأسباب لكونه مفصّلا وجامعاً أكثر من الأسباب الاُخرى، ففي حديث نقله المرحوم العلاّمة الكليني عن الإمام الباقر (ع)جاء فيه: "أقبل أبو جهل بن هشام ومعه قوم من قريش فدخلوا على أبي طالب فقالوا: إنّ ابن أخيك قد آذانا وآذى آلهتنا، فادعه ومره فليكفّ عن آلهتنا ونكفّ عن إلهه. فبعث أبو طالب إلى رسول الله (ص) فدعاه، فلمّا دخل النّبي لم ير في البيت إلاّ مشركاً فقال: (السلام على من اتّبع الهدى) ثمّ جلس فخبّره أبو طالب بما جاؤوا به، فقال رسول الله (ص): "أو هل لهم في كلمة خير لهم من هذا يسودون بها العرب ويطأون أعناقهم"؟ فقال أبو جهل: نعم وما هذه الكلمة؟ قال: "تقولون: لا إله إلاّ الله". وما إن سمعوا هذه الكلمات حتّى وضعوا أصابعهم في آذانهم وخرجوا وهم يقولون: ما سمعنا بهذا في الملّة الآخرة إنّ هذا إلاّ إختلاق، فأنزل الله في قولهم: (ص والقرآن ذي الذكر- إلى قوله- إلاّ إختلاق)(1). التّفسير إنقضاء مهلة النّجاة: مرّة اُخرى تمرّ علينا سورة تبدأ آياتها الاُولى بحروف مقطّعة وهو حرف (ص) ويطرح نفس السؤال السابق بشأن تفسير هذه الحروف المقطّعة: هل هذه إشارة إلى عظمة القرآن المجيد الذي يتألّف من مثل هذه الحروف المتيسّرة في متناول الجميع كالحروف الهجائية، والذي غيّرت محتوياته مجرى حياة الإنسانية في هذا العالم... وأنّ قدرة الله العظيمة هي التي أوجدت من هذه الحروف البسيطة تركيباً رائعاً عظيماً هو القرآن المجيد كلام الله، أم أنّها إشارة إلى رموز وأسرار بين الله سبحانه وتعالى وأنبيائه .. أمّ أنّها تعني اُموراً اُخرى؟ مجموعة من المفسّرين إعتبرت هنا حرف (ص) رمزاً يشير إلى أحد أسماء الله، وذلك لأنّ الكثير من أسمائه تبدأ بحرف الصاد مثل (صادق)، (صمد)، (صانع) أو أنّه إشارة إلى (صدق الله) التي إختصرت بحرف واحد. ولابدّ أنّكم طالعتم تفسير هذه الحروف المقطّعة بصورة مفصّلة في تفسير بدايات آيات سور (البقرة) و (آل عمران) و (الأعراف). ثمّ يقسم الله تعالى بالقرآن ذي الذكر والذي هو حقّاً معجزة إلهيّة (والقرآن ذي الذكر)(2). فالقرآن ذكر ويشتمل على الذكر، والذكر يعني التذكير وصقل القلوب من صدأ الغفلة، تذكّر الله، وتذكّر نعمه، وتذكّر محكمته الكبرى يوم القيامة، وتذكّر هدف خلق الإنسان. نعم، فالنسيان والغفلة هما من أهمّ عوامل تعاسة الإنسان، والقرآن الكريم خير دواء لعلاجهما. فالقرآن الكريم يقول بشأن المنافقين في الآية (67) من سورة التوبة: (نسوا الله فنسيهم) أي إنّهم نسوا الله، والله في المقابل نسيهم وقطع رحمته عنهم. ونقرأ في نفس هذه السورة الآية (26) عن الضالّين، قوله تعالى: (إنّ الذين يضلّون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب). نعم، فالنسيان هو الإبتلاء الكبير الذي ابتلي به الضالّون والمذنبون، حتّى أنّهم نسوا أنفسهم وقيمة وجودها، كما قال القرآن الكريم، كلام الله الناطق (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم اُولئك هم الفاسقون).(3) فالقرآن خير وسيلة لتمزيق حجب النسيان، وهو نور لإزالة الظلمات والغفلة والنسيان، حيث أنّ آياته تذكّر الإنسان بالله وبالمعاد، وتعرّف الإنسان قيمة وجوده في هذه الحياة. ﴿ص﴾ روي أنه عين ينبع من تحت العرش يقال لها ماء الحياة وروي أنه اسم من أسماء الله أقسم به وقيل صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ﴿وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ﴾ الشرف أو العظة وجواب القسم محذوف أي إنه لمعجز أو إن محمدا لصادق.