وفي المرحلة الرّابعة تقول الآية: (أم يقولون به جنّة) أي انّه مجنون، فبعد إعترافهم بأنّك لست مجهولا بالنسبة لهم، إلاّ أنّهم يشكّكون في سلامة عقلك وينسبونك إلى الجنون، لأنّ ما تدعو إليه لا ينسجم مع عقائدهم، فلذلك اتّخذوا هذا دليلا على جنونك.
يقول القرآن المجيد لنفي هذه الحجّة: (بل جاءهم بالحقّ) وكلامه شاهد على هذه الحقيقة، ويضيف (وأكثرهم للحقّ كارهون).
أجل، إنّ كلمات الرّسول راشدة حكيمة، إلاّ أنّهم ينكرونها لعدم إنسجامها مع أهوائهم النفسيّة.
﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ﴾ وكانوا يعلمون أنه أكملهم عقلا ﴿بَلْ جَاءهُم بِالْحَقِّ﴾ الدين القيم ﴿وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾ لمخالفة أهوائهم ولعل التقييد بالأكثر لأن منهم من لم يكره الحق لكنه لم يؤمن لقلة فطنة أو حسدا له (صلى الله عليه وآله وسلّم).