التّفسير
سليمان (ع) يستعرض قوّاته القتالية:
هذه الآيات تواصل البحث السابق بشأن داود(ع).
فالآية الاُولى تزفّ البشرى لداود في أنّه سيرزق بولد صالح هو سليمان، وسيتولّى الحكم وأعباء الرسالة من بعده، وتقول: (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب).
هذه الجملة تبيّن عظمة مقام سليمان، ويحتمل كونها ردّاً على الإتّهامات القبيحة والعارية من الصحّة الواردة في التوراة المحرّفة عن ولادة سليمان من زوجة أوريا، والتي كانت شائعة في المجتمع قبل نزول القرآن.
فعبارة (وهبنا) من جهة و (نعم العبد) من جهة اُخرى، وللتعليل (إنّه أوّاب) أي (الشخص المطيع لله والممتثل لأوامره، والذي يتوب إلى الباري عزّوجلّ إثر أبسط غفلة أو زلّة) من جهة ثالثة، كلّها تدلّ على عظمة مقام هذا النّبي الكبير.
وعبارة (إنّه أوّاب) هي نفس العبارة التي جاءت بحقّ والده داود في الآية (17) من نفس السورة، ورغم أنّ كلمة (أوّاب) صيغة مبالغة وتعني كثير الرجوع وغير محدودة، فإنّها هنا تعني العودة لطاعة الأمر الإلهي، العودة إلى الحقّ والعدالة، العودة من الغفلة وترك العمل بالأولى.
الآية التالية تبدأ بقصّة خيل سليمان، التي فسّرت بأشكال مختلفة، حيث أنّ البعض فسّرها بصورة سيّئة ومعارضة لموازين العقل، حتّى أنّه لا يمكن إيرادها بشأن إنسان عادي، فكيف ترد بحقّ نبي عظيم كسليمان (ع).
ولكن المحقّقين بعد بحثهم في الدلائل العقليّة والنقلية أغلقوا الطريق أمام أمثال هذه التّفسيرات، وقبل أن نخوض في الإحتمالات المختلفة الواردة، نفسّر الآيات وفق ظاهرها أو (وفق أقوى إحتمال ظاهري لها) لكي نوضّح أنّ القرآن الكريم خال من مثل هذه الإدّعاءات المزيّفة التي فُرضت على القرآن من قبل الآخرين.
﴿وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ رجاع إلى الله في مرضاته