فألصقوا به تهمة الجنون! في الوقت الذي لا ضرورة في توافق الحقّ مع رغبات الناس (ولو اتّبع الحقّ أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهنّ).
لأنّه لا يوجد مقياس يحدّد أهواء الناس، مضافاً إلى أنّها تميل إلى الشرّ والفساد غالباً، ولو اتّبعتها قوانين الوجود لعمّت الفوضى في الكون ولفسد العالم.
وتأكيداً لذلك تقول الآية: (بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون)(1)أي منحناهم القرآن الذي هو أساس للذكر والتوجّه إلى الله، وسبب لرفعتهم وشرفهم، إلاّ أنّهم أعرضوا عن هذا المنار الذي يُضيء لهم درب السعادة والشرف.
﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ﴾ بأن أتى بما يهوونه من الشركاء ﴿لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ﴾ للتمانع كما مر في لو كان فيهما ءالهة أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهون من الشرك لما كان إلها فلا يقدر على إمساك السموات والأرض ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ﴾ بالقرآن الذي هو شرفهم أو وعظهم ﴿فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾.