لكن الأتباع لا يكتفون بهذا المقدار من الكلام، لأنّ أئمّة الضلال هم الذين كانوا السبب المباشر لإرتكابهم الذنوب، ولذا فإنّهم يعتبرونهم أصحاب الجريمة الحقيقيين، وهنا يلتفتون إلى الباريء عزّوجلّ قائلين: (قالوا ربّنا من قدّم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً في النار).
العذاب الأوّل لأنّهم أضلّوا أنفسهم، والثاني لأنّهم أضلّونا.
ما ورد في هذه الآية مشابه لما ورد في الآية (38) من سورة الأعراف التي تقول: (ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذاباً ضعفاً من النار) رغم أنّ تتمّة هذه الآية أي الآية (38) من سورة الأعراف تقول: إنّ لكليهما عذاباً مضاعفاً (لأنّ الأتباع هم الأداة التنفيذية لأئمّة الضلال، وهم الذين هيّأوا الأرضية لنشر الفساد والضلال).
على أيّة حال، لا يوجد شكّ في أنّ عذاب أئمّة الضلال أكبر بكثير من عذاب الآخرين، رغم أنّ للجميع عذاباً مضاعفاً.
نعم، هذه هي نهاية كلّ من عقد الصداقة مع المنحرفين وبايعهم على السير في طرق الضلال والإنحراف، فانّهم عندما يرون نتائج أعمالهم الوخيمة يلعن بعضهم بعضاً ويتخاصمون فيما بينهم.
والملفت للنظر هنا أنّ الآيات التي تذكر النعم التي يغدقها الباريء عزّوجلّ على المتّقين كانت أكثر تنوّعاً من الآيات التي إستعرضت عذاب الطغاة المتجبّرين. إذ أشارت آيات القسم الأوّل إلى سبع نعم، بينما أشارت آيات القسم الثاني إلى خمسة أنواع من العذاب، يحتمل أن يكون السبب هو سبق رحمة الله لغضبه "يامن سبقت رحمته غضبه".
﴿قَالُوا﴾ أيضا ﴿رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾ مضاعفا بأن تزيد على عذابه فيصير ضعفين.