ثمّ تخرج الآية الأخيرة بالنتيجة التي تمخّض عنها الجدال بين أهل جهنّم، وتؤكّد على ما مضى بالقول: (إنّ ذلك لحقّ تخاصم أهل النار)(1).
فأهل جهنّم مبتلون في هذه الدنيا بالخصام والنزاع والحروب. فالنزاع والجدال يتحكّم بهم، وفي كلّ يوم يتخاصمون مع هذا وذاك.
وفي يوم القيامة، ذلك اليوم الذي تبرز فيه الأسرار وما تخفيه الصدور، تراهم يتنازعون فيما بينهم في جهنّم، فأصدقاء الأمس أعداء اليوم، والتابعون في الأمس صاروا معارضين اليوم، ويبقى- فقط- خطّ التوحيد والإيمان، خطّ
الوحدة والصفاء في هذا العالم وذاك.
الجدير بالذكر أنّ أهل الجنّة متكئون على الأسرّة، ويتحدّثون فيما بينهم بكلام ملؤه المحبّة والصدق، كما ورد في آيات مختلفة من آيات القرآن الحكيم، بينما تجد أهل النار يعيشون حالة من الصراع والجدال، إذن فتلك نعمة كبيرة، وهذا عذاب أليم!
ملاحظة
ورد في حديث عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال لأبي بصير "ياأبا محمّد، لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوّكم في النار بقوله: (وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنّا نعدهم من الأشرار. اتّخذناهم سخريّاً أم زاغت عنهم الأبصار). والله ما عنى ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس، وأنتم والله في الجنّة تحبرون وفي النار تطلبون"(2).
﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ المحكي عنهم ﴿لَحَقٌّ﴾ واجب الوقوع وهو ﴿تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ بعضهم لبعض.