والله تعالى يبتليهم لعلّهم يَعُون حين لا تجدي بهم رحمته سبحانه، لكنّ طائفة غالبة منهم لم يستيقظوا حتّى بالبلاء المذلّ (ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربّهم وما يتضرّعون)(1).
"التضرّع" - كما أسلفنا - مشتقّة من الضرع بمعنى الثدي، فالتضرّع يعني الحلب، ثمّ استعملت بمعنى التسليم المخالط بالتواضع والخضوع.
وتعني هذه الآية أنّ المشركين لم يتخلّوا عن غرورهم وعنادهم وتكبّرهم، ولم يستسلموا للحقّ حتّى وهم يواجهون أشدّ النكبات عصفاً بهم.
وإذا ما فسّر التضرّع في الرّوايات بأنّه رفع اليدين نحو السّماء للدعاء، فهو أحد مصاديق هذا المعنى الواسع.
﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ﴾ بالجوع ﴿فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ﴾ ما خضعوا له ﴿وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ ما يرغبون إليه في الدعاء.