ففي المرحلة الاُولى يقول: (قل ما أسألكم عليه من أجر).
وبهذا وضع النّبي الأكرم (ص) حدّاً لذرائع المتذرّعين، وبيّن أنّه لا يبتغي من وراء ذلك سوى نجاة وسعادة البشر، وأنّه لا يريد منهم أيّ جزاء مادّي أو معنوي، ولا إستحسان ولا شكر، ولا مقام ولا حكومة، وإنّما أجري على الله، كما ذكرت ذلك آيات اُخرى في القرآن المجيد كالآية (47) من سورة سبأ، والتي تقول: (إنّ أجري إلاّ على الله).
وهذه هي إحدى دلائل صدق رسول الله (ص)، لأنّ الداعية الكذّاب إنّما يدعو للوصول إلى أطماع شخصيّة، وهذه الأطماع تظهر بشكل أو بآخر من خلال حديثه، والعكس ما نراه في شخصيّة رسولنا الكريم (ص).
وفي المرحلة الثانية يقول: أنا لست من المتكلّفين، فكلامي مستند على الأدلّة والمنطق، ولا يوجد فيه أي تكلّف، وعباراتي واضحة وكلامي خال من الغموض واللفّ والدوران (وما أنا من المتكلّفين).
وفي الواقع فإنّ المرحلة الاُولى تتناول أوصاف الداعية، والمرحلة الثانية تتطرّق لسبل الدعوة ومحتواها.
﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾ على تبليغ الوحي والقرآن ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾ المنتحلين لما لا حجة عليه من النبوة والقرآن.