فالله تعالى يواصل هذه الرحمة والنعمة والعقوبات، والمشركون يواصلون طغيانهم وعنادهم (حتّى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون)(2).
الواقع، أنّ نوعين من العقاب الإلهي: أوّلهما "عقابالإبتلاء"، وثانيهما "عقاب الإستيصال" والإقتلاع من الجذور، والهدف من العقاب الأوّل وضع الناس في صعوبات وآلام ليدركوا مدى ضعفهم وليتركوا مركب الغرور.
أمّا هدف العقاب الثّاني الذي ينزل بالمعاندين المستكبرين فهو إزالتهم عن مجرى الحياة، وتطهيرها من عراقيلهم، لأنّه لم يبق لهم حقّ الحياة في نظام الحقّ، ولهذا يستوجب إقتلاع هذه الأشواك من طريق تكامل البشر.
وبيّن المفسّرين إختلاف في قصد الآية من عبارة (باباً ذا عذاب شديد).
فالكثيرون يرون أنّه الموت، ثمّ العذاب وعقاب يوم القيامة.
وآخرون يرونه القحط الشديد الذي واجه المشركين سنين عديدة بدعاء من النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأصبحوا لا يجدون ما يأكلون، حتّى تناولوا ما تشمئز منه الأنفس.
وغيرهم يرونه العقاب الأليم الذي نزل على المشركين بضربات سيوف جند الإسلام في معركة بدر.
وهناك إحتمال أنّ الآية لا تختّص بفئة معيّنة، بل هي إستعراض لقانون شامل عامّ للعقوبات الإلهيّة، يبدأ من الرحمة، فالتنبيه والعقاب التربوي، وينتهي بعذاب الإقتلاع من الجذور والدمار(3).
﴿حتى اذا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ هو القتل ببدر أو الجوع ﴿إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ متحيرون آيسون من كل خير.