الآية التالية تبيّن أنّ هناك ثلاث مثوبات بانتظار أفراد هذه المجموعة، أي المصدقين، إذ تقول في البداية: (لهم ما يشاؤون عند ربّهم ذلك جزاء المحسنين).
لهذه الآية مفهوم واسع بحيث يشمل كلّ النعم المادية والمعنوية التي يمكن تصورها والتي لا يمكن تصورها.
وعلى ضوء هذه الآية يطرح البعض السؤال التالي: إذا طلب أحدهم أن يكون مقامه أرفع من مقام الأنبياء والأولياء، فهل يعطى ذلك؟
علينا أن لا نغفل عن كون أهل الجنّة يدركون عين الحقيقة، ولهذا لا يفكر أحد منهم بأمر يخالف الحقّ والعدالة، ولا يتناسب مع أساس توازن اللياقات والكفاءات.
بعبارة اُخرى: لا يمكن أن يحصل أشخاص لهم درجات مختلفة في الإيمان والعمل على نفس الجزاء، فكيف يأمل أصحاب الجنّة في تحقيق أشياء مستحيلة؟! وفي نفس الوقت فإنّهم يعيشون في حالة روحية خالية من الحسد والغيرة، وهم راضون بما رزقوا به.
وكما هو معلوم فإنّ المكافاة الإلهية في الآخرة وحتى التفضيل الإلهي للبعض دون البعض الآخر إنّما يتمّ على أساس اللياقة التي حصل عليها الإنسان في هذه الدنيا، فالذي يعرف أنّ إيمانه وعمله في هذه الدنيا لم يصل إلى درجة إيمان وعمل الأُخرين لا يأمل يوماً ما أن يكون بمرتبتهم، لإنّ ذلك أمل ورجاء غير منطقي.
وعبارة: (عند ربّهم) تبيّن عدم انقطاع اللطف الإلهي عن أُولئك وكأنّهم ضيوف الله على الدوام، وكلّ ما يطلبونه يوفر لهم.
وعبارة: (ذلك جزاء المحسنين) أقيم فيها الظاهر مقام ضمير الإشارة، اشارة الى أن إحسانهم وعملهم الصالح كانا سبباً في حصولهم على الأجر المذكور.
﴿لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ في الجنة ﴿ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ﴾ على إحسانهم.