ثم تضيف الآية (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون).
وسيرون العذاب بأعينهم، العذاب الذي لم يكن يتوقعه أحد منهم، لأنّهم كانوا مغرورين بلطف الله، في حين كانوا في غفلة عن غضبه وقهره. وأحياناً كانوا يقومون بأعمال يتصورونها حسنة، في حين أنّها كانت من الذنوب الكبيرة.
على أيّة حال، تظهر لهم في ذلك اليوم أُمور لم يكن يتصور أحد ظهورها.
ذلك الوعيد يأتي في مقابل الوعود الطيبة التي قطعت للمؤمنين، قال تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين) (4).
وقد نقل أنّ أحد المسلمين جزع عند الموت، فقيل له: أتجزع، فقال: أخذتني هذه الآية (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)(5).
الآية التالية توضيح أو تتمة لموضوع طرحته الآية السابقة، إذ تقول: (وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون).
في الحقيقة هناك أربعة مواضيع تتعلق بالمشركين والظالمين طرحت في هذه الآيات:
أوّلا: إنّ هول ورهبة العذاب الإلهي في ذلك اليوم ستكون من الشدّة بحيث تجعلهم يتمنون لو أنّ لديهم في تلك الساعة ضعف الثروات والأموال التي كانوا يمتلكونها في عالم الدنيا ليفتدوا بها من سوء العذاب، ولكن من المستحيل أن يحدث مثل هذا الأمر في يوم القيامة.
ثانياً: تظهر أمامهم أنواع من العذاب الإلهي الذي لم يكن أحد يتوقعه ولا يتصوره.
ثالثاً: حضور أعمالهم السيئة أمامهم وتجسيدها لهم.
رابعاً: مشاهدتهم حقيقة المعاد الذي لم يأخذوه مأخذ الجد، ومن ثمّ انغلاق كلّ أبواب النجاة أمامهم.
الآية التي تقول: (بدا لهم سيئات ما كسبوا) والتي وردت آنفاً، هي دليل آخر على مسألة تجسيد الأعمال.
﴿وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾ في صحائفهم أو بدا جزاء سيئاتهم ﴿وَحَاقَ بِهِم﴾ وأحاط ﴿مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ أي العذاب.