إنّ المستكبرين لم يسكتوا على هذا الكلام وذكروا جواباً يدل على ضعفهم الكامل وذلتهم في ذلك الموقف المهول، إذ يحكي القرآن على لسان قولهم: (قال الذين استكبروا إنّا كلّ فيها إنّ الله قد حكم بين العباد).
يريدون أن يقولوا: لو كان بمستطاعنا حل مشاكلكم فالأحرى بنا والأجدر أن نحل مشاكلنا و ما حلّ بنا، ولكنا لا نستطيع أن نمنع العذاب عن أنفسنا ولا عنكم، ولا أن نتحمل عنكم جزءاً من العقاب!
والملاحظ هنا أنّ الآية (21) من سورة "إبراهيم" تتضمن نفس هذا الإقتراح من قبل الضعفاء إزاء المستكبرين، الذين قالوا جواباً على هذا: (لو هدانا الله لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا مالنا من محيص).
والمقصود بالهداية هنا هي الهداية الى طريق الخلاص من العذاب.
وهكذا يظهر أنّ هذين الجوابين لا يتعارضان فيما بينهما، بل يكمل أحدهما الآخر.
﴿قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا﴾ نحن وأنتم ولا نغني عن أنفسنا فكيف عنكم ﴿إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ﴾ فيجازي كلا بما يستحقه.