الآية الأخيرة - من مجموعة الآيات التي نبحثها - تأتي وكأنّها تأكيد لمواضيع الآيات السابقة، فيقول تعالى: (كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون).
"يجحدون" مشتقّة من مادة "جحد" وهي في الأصل تعني إنكار الشيء الموجود في القلب والنفس. بمعنى أنّ الإنسان يقر في نفسه وقلبه بعقيدة أو نشيء ما، وفي نفس الوقت ينفيه ويتظاهر بعكسه أو يعتقد بعدمه في نفسه ويثبته في لسانه.
ويطلق وصف الجحود على البخلاء والذين لا يؤمّل منهم الخير ويتظاهرون بالفقر دائماً. أما "الأرض الجحدة" فهي التي لا ينبت فيها النبات إلا قليلا(13).
بعض علماء اللغة أوجز في تفسير "جحد" و "جحود" بقولهم: الجحود الإنكار مع العلم(14).
وبناءً على ما تقدم فإن الجحود يتضمّن في داخله نوعاً من معاني العناد في مقابل الحق، و من الطبيعي أن من يتعامل مع الحقائق بهذا المنظور لا يمكن أن يستمر في طريق الحق، فما لم يكن الإنسان باحثاً عن الحقيقة وطالباً لها ومذعناً أمام منطقها فسوف لن يصل إليها مطلقاً.
لذا فإنّ الوصول إلى الحق يحتاج مسبقاً إلى الإستعداد والبناء الذاتي، أيّ التقوى قبل الإيمان، وهو الذي أشار إليه تعالى في مطلع سورة البقرة: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين).
﴿كَذَلِكَ يُؤْفَكُ﴾ كما أفك هؤلاء أفك ﴿الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ﴾ بغير حجة.