ثم تنتقل الآيات إلى بيان أمرهم عندما تقول: (الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا).
من الضروري أن نشير أولا إلى أنّ السورة التي بين أيدينا تحدّثت أكثر من مرّة عن (الذين يجادلون في آيات الله) جاء ذلك في الآيتين (35) و(56) وهذه الآية. ونستفيد من القرائن أنّ المقصود بـ "آيات الله" هي دلائل النبوّة وعلائمها على الأكثر، بالإضافة إلى ما تحويه الكتب السماوية. وطالما تتضمّن الكتب السماوية آيات التوحيد، والمسائل الخاصة بالمبدأ والمعاد، لذا فإنّ هذه القضايا مشمولة بجدال القوم وخصومتهم للحق.
وهل يستهدف التكرار تأكيد قضية هذا الموضوع، أم أنّ كلّ آية تختص بطرح وموضوع يختلف عن أختها؟
الأحتمال الثّاني أقرب الى المراد. إذ يلاحظ أنّ لكل آية موضوع خاص.
فالآية (56) تتحدث عن دواعي المجادلة وأهدافها أي الكبر والغرور في حين تتحدث الآية (35) عن عقابهم الدنيوي متمثلا بأن ختم الله على قلوبهم.
أمّا الآية التي نتحدث عنها الآن فهي تتحدث عن العقاب الأخروي، وأوصافهم في النّار ذات السعير.
من الضروري أن نشير أيضاً إلى أنّ "يجادلون" فعل مضارع يدل على الإستمرار. وهذه إشارة إلى أنّ مثل هؤلاء الأفراد الذين يكذبون بآيات الله لتبرير عقائدهم وأعمالهم السيئة المشينة، إنّما يقومون بالمجادلة بشكل مستمر من خلال الأقوال والذرائع الواهية.
: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ﴾ بالقرآن أو الجنس ﴿وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا﴾ من الكتب والشرائع ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ وبال تكذيبهم.