لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وأخيراً يقول القرآن في عبارة مختصرة ذات دلالة كبيرة بأنّه ليس سحراً ولا شعوذة ولا شيء آخر: (بل أتيناهم بالحقّ وإنّهم لكاذبون). لقد بيّن الله الحقائق للناس بإرساله الأنبياء والرسل إليهم ولكنّهم عصوا أمره، ولم يستجيبوا له فيما يحييهم من عبادته وإقامة أحكامه الهادية لكلّ خير، المنقذة من كلّ شرّ. ملاحظات 1 - معنى عدد من الكلمات "الأساطير" جمع "اُسطورة" قال بعض اللغويين: إنّها مشتقّة من "السطر" بمعنى الصفّ، فيطلق على الكلمات التي إصطفّت في خطّ واحد لفظ السطر. فالاُسطورة: الكتابة أو السطور التي تركها لنا الآخرون، ولأنّ كتابات القدماء تحتوي على أساطير خرافية، تطلق الأساطير على الحكايات والقصص الخرافية الكاذبة. وقد تكرّرت كلمة الأساطير في القرآن المجيد تسع مرّات. وجميعها جاء على لسان الكفّار لتوجيه مخالفتهم لأنبياء الله تعالى. "الربّ" تعني - كما قلنا في تفسير سورة الحمد - المالك المصلح، ولهذا لا يطلق على كلّ مالك، وإنّما يختّص بالمالك الذي يسعى لإصلاح وحفظ وإدارة ملكه حفظاً جيّداً، وتطلق كلمة "ربّ" أحياناً على المربّي والمعلّم أيضاً. "الملكوت" مشتقّة من "المُلك" (على وزن كُفر)، بمعنى الحكومة والمالكية، وإضافة الواو والتاء للتأكيد والمبالغة. "العرش" يعني السرير ذا القوائم العالية، ويطلق أحياناً على السقف وشبهه. وعندما تتعلّق هذه الكلمة بالله سبحانه، فإنّها تعني عالم الوجود كلّه، فهو كلّه دون جلاله المقدّس وحكمه الحكيم. وقد تطلق أحياناً على عالم ما وراء الطبيعة (ميتافيزيقيا) مقابل "الكرسي" الذي يعني عالم الطبيعة والمادّة، مثال ذلك (وسع كرسيه السماوات والأرض)(2)(3). 2 - تأكيد المعاد بالإستناد إلى قدرة الله الشاملة يستنتج من آيات القرآن أنّ معظم مخالفة المنكرين للمعاد يدور حول مسألة المعاد الجسماني، ودهشتهم من عودة الروح والحياة ثانية إلى الإنسان بعد أن يصير تراباً، من هنا عدّدت الآيات معالم قدرة الله في عالم الوجود، وأكّدت خلقه لكلّ شيء من عدم، ليؤمنوا بالحياة بعد الموت، وتزول إستحالتها من تصوّرهم. وبحثت هذه الآيات هذه المسألة من خلال بيان قدرة الله على الأرض وسكّانها. وقدرته على السموات والعرش العظيم، وقدرته على إدارة عالم الخلق والنشر، وهذه السبل الثلاثة مصاديق لمفهوم واحد. ويحتمل أيضاً أنّ كلا من هذه الأبحاث الثلاثة يشير إلى وجهة نظر المنكرين للمعاد، فلو كان إنكاركم للمعاد يعود إلى أنّ العظام البالية قد خرجت من دائرة حكومة الله وملكيّته، فهذا خطأ، لأنّكم تعترفون أنّ الله تعالى هو مالك الأرض ومن عليها. وإن كان إنكاركم لأنّ بعث الأموات يحتاج إلى إله مقتدر، فأنتم تعترفون بأنّ الله ربّ السماوات والعرش. وإن كان جحودكم أنّكم في شكّ من تدبير العالم بعد الحياة الجديدة وبعد بعث الأموات، فهو أيضاً في غير مورده، لأنّكم قبلتم تدبيره وإعترفتم بقدرته على إدارة عالم الوجود، وجوار من لا جار له (أي كلّ الموجودات) حيث يتكفّل برعايتها وتدبير اُمورها، فعلى هذا لا مجال لإنكاركم أيضاً. وإجابة الكفّار في الحالات الثلاث بشكل منسجم موحّد (سيقولون لله) تؤكّد التّفسير الأوّل. 3 - إختلاف نهايات الآيات والجدير بالإهتمام هو أنّه بعد السؤال الأوّل وإجابته جاءت عبارة: (أفلا تذكرون). وبعد السؤال الثّاني وإجابته جاءت عبارة (أفلا تتّقون). وبعد السؤال الثّالث وإجابته جاءت عبارة (فأنّى تسحرون). وهذه عبارات تنبيه شديدة للكفّار وإستنكار لما هم عليه من باطل بشكل متدرّج ومرحلة بعد أُخرى، وهو اُسلوب متعارف ينسجم مع الأساليب المعروفة في التعليم والتربية المنطقيّة. فإذا احتاج المربّي إلى إدانة شخص، يبدأ أوّلا بتنبيهه بلطف، ثمّ بحزم، وبعد ذلك يعنّفه! ﴿بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ ﴾ من نفي الولد والشريك ﴿وإنهم لكاذبون﴾ في إثباتهما.